ودليلنا أولا على نفس المسألة أنه قد ثبت جواز إسلام الذهب والفضة في الحديد والرصاص وغيرهما من الموزونات، وتحرير العلة أن نقول: كل شيئين جاز إسلام أحدهما في الآخر لم يجمعهما علة واجدة في الربا، أصله الذهب والحنطة، وكل شيئين امتنع إسلام أحدهما في الآخر مما فيه الربا فإنهما يجتمعان في علة واحدة، أصله الذهب والفضة؛ ولأن كل جنس جاز التفاضل بين معموله ومهمله فلا ربا فيه، أصله التراب والقصب. وذلك أن أبا حنيفة يجيز التفاضل بين قطع الرصاص وبين الأواني المصوغة منه، وكذلك الصفر وغيره، ولو كان فيه الربا لم يفترق الحكم بين معموله ومهمله كالذهب والفضة.
[٨٥٩] فصل: ودليلنا على صحة العلة المقصورة أن عدم التعدي ليس فيه أكثر من تعذر القياس وذلك غير مانع من صحة العلة مع التعبد بالقياس؛ لأنه لو نص صاحب الشرع على أنها علة فيه ومنع القياس على المنطوق به لاستفدنا بذلك كونها علة وإن لم نستفد جواز القياس عليها، فكذلك تعذر القياس مع التعبد به ليس بأبلغ من تحريمه؛ ولأن تعديها إلى الفرع درجة تتأخر عن كونها علة؛ لأنا إذا علمناها عنه بطريقها الذي يعلم منه عديناها، وما يجب تقديمه على الشرط لا يصح اشتراطه فيه لأن ذلك إحالة.
[٨٦٠] مسألة: ولا يجوز في بيع مطعوم بمطعوم تأخير على وجه كان، مما فيه الربا أو مما لا ربا فيه جنساً أو جنسين، خلافاً لأبي حنيفة في قوله إن القبض ليس من شرطه إلا أن يكون جزءاً من صبرة. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إنما الربا في النسيئة. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا تبيعوا الذهب بالذهب