[٩٩٣] فصل: ودليلنا على الشافعي أن كل ما جاز أن يكون بلوغاً أو دلالة على البلوغ في الكافر جاز أن يكون كذلك على المسلم، أصله السن والبلوغ بالاحتلام؛ ولأن دلالته على ذلك ليست لمعنى يرجع إلى الدين وإنما هو لمعنى يتعلق بالعادات وهذا يستوي فيه المسلم والكافر؛ ولأن كل شخصٍ ثبت بلوغه بالاحتلام جاز أن يثبت بالإنبات، أصله الكافر؛ ولأن قبول الشهادة وغير ذلك من حقوق البلوغ وأحكامه، فجاز أن يثبت بالإنبات، أصله أخذ الجزية من الكافر.
[٩٩٤] مسألة: ليس في السن المعتبرة في البلوغ حدٌ، إلا أن أصحابنا قالوا سبع عشرة أو ثماني عشرة سنةً، وقال الشافعي: حده خمس عشرة سنةً، وذكره بعض أصحابنا عن ابن وهب. ودليلنا قوله عز وجل:{وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: رفع القلم عن ثلاثة: فذكر الصبي حتى يحتلم؛ ولأن من جعل خمس عشرة حد البلوغ لا يخلو أن يكون تعلقاً، بأكثر ما في العدد أو تعلقا بوجود ذلك في العادة وكل ذلك باطلٌ.
[٩٩٥] مسألة: إيناس الرشد في الغلام هو إصلاح ماله وتأتيه للثمرة ومصلحته وأن لا يكون مبذراً له، وأن لا يراعى عدالته في دينه ولا فسقه، فإذا بلغ على هذه الصفة سلم إليه ماله، وإن كان فاسقاً، وقال الشافعي، لا يسلم إليه ماله إلا أن يكون مصلحاً لماله غير فاسق في دينه، فدليلنا أن الفسق في الدين إذا لم يكن معه تبذيرٌ في المال لا يوجب السفه، دليله إذا طرأ بعد البلوغ والعدالة؛ ولأنه لو كان يوجب الحجر أو من شرط فك ذلك الحجر لوجب أن يكون واجباً لذلك، وإن طرأ بعد