التبذير البلوغ؛ لأنه لو كان يوجب الحجر أو من شرط ذلك الحجر لوجب أن يكون موجباً لذلك وإن طرأ بعد البلوغ كالتبذير؛ ولأن كل ما طرأ على البالغ المصلح له لم يوجب الحجر عليه فكذلك لا يوجب استدامته، بعد البلوغ كسائر أفعاله.
[٩٩٦] مسألة: إذا بلغ الصبي وكان مبذراً مضيعاً لماله استديم الحجر عليه أبداً ما دام على ذلك، وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمساً وعشرين سنة سلم إليه ماله وإن كان مبذراً مضيعاً، فدليلنا قوله عز وجل:{فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم}، فشرط في جواز الدفع إليهم شرطين: البلوغ وإيناس الرشد، ومن كان مبذراً مضيعاً، لم يؤنس منه الرشد؛ ولأن كل من لم يكن مصلحاً لماله أو كان مبذراً مضيعاً له لم يجز دفعه كالمجنون ومن لم يبلغ خمساً وعشرين سنةً.
[٩٩٧] مسألة: لا ينفك الحجر عن الصغيرة وإن بلغت حتى تتزوج ويدخل بها زوجها وتكون حافظةً لمالها، وقال أبو حنيفة والشافعي: ينفك عنها الحجر بنفس البلوغ من غير حاجة إلى تزويج، فدليلنا أن كل حال جاز للأب إنكاحها بغير إذنها كان الحجر على المال مستداماً فيها كالصغيرة؛ ولأن البنت لا تخبر مصلحتها ولا تعرف المعاملات ولا تعرف معانيها ومصالح المال بنفس البلوغ دون التزويج؛ لأنها إذا زوجت ودخل بها عرفت حينئذ الأمور وخبرتها فحينئذ ينفك الحجر عنها.
[٩٩٨] مسألة: يُبْتَدَأ الحجر على البالغ إذا كان مبذراً لماله مضيعاً، وقال أبو حنيفة لا يحجر على البالغ ابتداءً، فدليلنا قوله عز وجل: {فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه