للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه قول عبدالملك أنه يتوضأ بأحدهما ثم يصلي، ثم يتوضأ بالآخر، فيصلي، فلأن في ذلك ما يوصل إلى أداء الصلاة بيقين لأنه يتيقن أن أحدهما طاهر لا محالة، فلا يجوز له أن يصلي بأحدهما، لأنه يشك هل الذي توضأ به هو الطاهر، أو النجس، فإذا صلى بكل واحد منهما تيقن أنه صلى بالطاهر لا محالة، ولأنه أمر يتعلق بأداء الصلاة اشتبه عليه، وله طريق يوصله إلى اليقين فيه فلزمه، كما لو نسي صلاة واحدة لا يدري أي صلاة هي، فلزمه أن يصلي صلاة يوم وليلة ولم يلزمه أن يتحرى إذا كان مع التحري لا يصل إلى اليقين، وبأداء صلاة يوم وليلة يصل إلى اليقين كذلك في مسألتنا وقد بينا أن قول محمد ابن مسلمة مثل قول عبدالملك إلا أنه يزيد عليه بغسل أعضائه قبل وضوئه. ووجه ذلك أنه لما كان جائزاً أن يكون الأول هو النجس كان إذا توضأ من الثاني قبل غسل أعضائه من الأول يمكن أن تكون النجاسة باقية إلا أنه إن لم يفعل جاز له لأنه ليس بمتحقق. ووجه قول سحنون يتيمم، ولا يستعمل واحداً منهما أن التحري لا يؤدي إلى سقوط الفرض بيقين، وإن توضأ بغير تحر لزمه صلاتان، وذلك خلاف الواجب فلم يبق إلا العدول إلى التيمم، قال القاضي: وهذا أضعف الأقاويل لأنه يلزمه عليه إذا نسي صلاة وجهلها. ودليلنا على أبي حنيفة في منعه التحري فيما زاد على الإناءين اعتبارهما بالإناءين. ولأن كل عدد جاز التحري فيه من الثياب جاز في الأواني أصله الثلاثة ولأن التحري في الإناءين أمكن منه في الثلاثة وكان أولى. ولأن التحري في القبلة جائز بل واجب وإن كان الإشكال في وجهين أو ثلاث جهات، وكذلك الأواني، على أن الكلام في المسألة ضرب من التكلف؛ لأن النجاسة لا تؤثر في الماء إلا بالتغيير وإنما يتصور في الموضع الذي ذكرناه والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>