بمنزلة حاكم آخر في البلد، لأن تراضيهما به يقوم مقام نصب السلطان له.
[١٩٤٢] مسألة: لا يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في شيء أصلاً، لا فيما علمه قبل الولاية ولا بعدها، لا في مجلس الحكم، ولا في غيره، لا في حقوق الله ولا في حقوق الآدميين، وقال عبد الملك: يحكم بعلمه في مجلس حكمه إذا حضر عنده الخصم فاعترف بحق خصمه، وقال أبو حنيفة: يحكم في حقوق الآدميين فيما علمه بعد القضاء، ولا يحكم فيما علمه قبله، وعند الشافعي أنه يحكم بعلمه على الإطلاق إلا في الحدود، فلهم فيها وجهان.
فدليلنا ما روي أنه صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم مصدقًا فلاجَّه رجلان فشجهما، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم يطلبان القصاص، فبذل لهما مائة فرضيا، فقال:«إني أخطب الناس وأذكر لهم ذلك، أفريضتما؟» قالا: نعم، قال: فخطب الناس، ثم قال: أرضيتما، بعد أن ذكر القصة فقالا: لا، فهم بهم المهاجرون والأنصار، فمنعهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نزل فزادهما، فرضيا، فصعد المنبر، فقال:«أرضيتما؟» قالا: نعم، موضع التعلّق أنه لم يحكم عليهما بعلمه لمّا جحدا أن يكونا رضيا، ولأنه صلى الله عليه وسلم امتنع من قتل المنافقين مع علمه بكفرهم، وقال:«لئلا يتحدث الناس أن محمّدًا يقتل أصحابه»، وإنما لم يقتلهم لأن الناس لم يعلموا كفرهم كما علمه، ولأن الحاكم لما لم يكن معصومًا، وقد يلحقه الظنة والتهمة، ويمكن وقوع ذلك منهم، فحسم الباب في منع حكمه بعلمه لئلا يدعى عليه أنه حكم على عدوه.
ونفرض الكلام في الحدود، ودليلنا قوله تعالى: "والذين يرمون