يحلِّفه مع البينة؛ فدليلنا قوله صلى الله عليه وسلم:«شاهداك أو يمينه»، فلم يجعل عليه أكثر من الشهادة، وقوله:«اليمين على المدعى عليه»، ولأنّ البينة حجة تامة فلو احتجنا إلى اليمين معها لكانت ناقصة غير تامة.
[١٩٤٠] مسألة: إذا ادعى رجل على رجل حقاً وذكر أن بينته غائبة وسأل القاضي أن يلزمه له إلى أن يقيم له كفيلاً بنفسه إلى أن يحضر البينة لم يكن له ذلك، بل يقول له الحاكم: إن أردت إحلافه لك وإلا فأطلقه إلى أن تحضر بينتك، وقال أبو حنيفة: يلزمه أن يقيم كفيلاً عليه ببدنه ثلاثة أيام إلى أن يقيم البينة، فإذا مضت ثلاثة أيام برئت ذمة الكفيل من الكفالة، وقال أبو يوسف يقيم كفيله أبدًا إلى أن يقيم البينة.
فدليلنا أنّه لم يتوجه عليه حق فلا معنى للكفيل، لأن فائدة الكفالة بالبدن إحضاره المستحق عليه وأداء الحق الذي قد ثبت عليه، وكل ذلك معدوم، ولأن كل حال أمكن القاضي فصل الحكم لم يجز إنفاذه كما لو حضرت البينتان.
[١٩٤١] مسألة: إذا حكَّم الخصمان بينهما رجلاً من أهل الاجتهاد لزمهما ما يحكم به بينهما إذا كان مما يجوز في الشرع، وافق رأي قاضي البلد أو خالفه، وقال أبو حنيفة: إن وافق رأي قاضي البلد لزم، وللشافعي قولان: أحدهما لا يلزم، وتكون فتوى لا حكماً؛ فدليلنا قوله صلى الله عليه وسلم:«لكل مسلم شرطه»، ولأنه حكم بما يجوز في الشرع ممّن يجوز الحكم به، فجاز أن يلزمهما كحكم قاضي البلد، ودليلنا على أنّه لا يعتبر وفاق رأي الحاكم أنّه إذا ثبت تراضيهما به فقد صار حاكماً ينفذ حكمه عليهما وصار