قبولهن على الانفراد يوجب أن يكون لهن حكم أنفسهن كالرِّجال.
ودليلنا على أبي حنيفة أنها شهادة في حق فلم يثبت لشخص كالحقوق كلّها، ولأنه لا يثبت ولادة بشهادة فلم يثبت بامرأة واحدة، كولادة المطلقة ولأن شهادة الرجال أقوى وآكد، ثم لا يقبل عنهم واحد فالأضعف أولى.
[١٩٥٧] مسألة: إذا تاب القاذف قبلت شهادته، تاب قبل الجلد أو بعده، وقال أبو حنيفة: إن تاب بعد الجلد لم تقبل شهادته؛ فدليلنا قوله تعالى:"والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء" إلى قوله: "إلا الذين تابوا"، والاستثناء إذا تعقب جملاً يصلح أن يكون عائدًا إلى كل واحد منها على الانفراد، فإنه يعود إلى جميعها، ونحن ندل على ذلك فيما بعد، ولأن كل من ردت شهادته بمعنى فسق به، جاز قبولها فيما بعد كالزاني والسارق، ولأنّه محدود في قذف فوجب أن تقبل شهادته إذا تاب كالكافر إذا أسلم، ولأن إقامة الحد استيفاء حق فلم يتعلّق به رد الشهادة كالقصاص.
[١٩٥٨] مسألة - فصل: ودليلنا على الاستثناء إذا تعقب جملاً يصلح عوده إلى كل واحد منها فإنه يعود إلى جميعها، خلافاً لأصحاب أبي حنيفة في قولهم: إنّه يعود إلى ما يليه فقط؛ هو أن لواحق الكلام المؤثر فيه يجب تعليقها فيه ما أمكن، ولم يمنع مانع منه، وقد ثبت أن هذا الاستثناء يصحّ أن يعود إلى كل واحد مما ذكر قبله، وليس في اللّفظ ما يقتضي [عوده] على ما يليه، فيجب عوده إلى جميعه، ولأن الشرط والاستثناء بمشيئة الله تعالى من حقهما أن يتعلّقا بجميع ما تقدمهما لكونهما من اللّواحق المؤثرة فيه فكذلك الاستثناء، ولأن هذه الجمل إذا جمع بينها