للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بحرف الواو صارت في حكم الجملة الواحدة، لأن الواو للجمع والاشتراك، وإذا صارت كذلك وجب في الاستثناء المتعقب لها أن يرجع إلى جميعها كرجوعه إليها لو كانت بلفظ واحد.

[١٩٥٩] مسألة: لا تقبل شهادة العبد، خلافاً لداود؛ لقوله تعالى: "وأشهدوا ذوي عدل منكم"، وهذه الإضافة تفيد الحرية دون الإسلام، لأن غير المسلم ليس بعدل، ولأنه نوع ينقص بمنع الميراث بينه وبين الأحرار، فوجب أن يمنع قبول الشهادات كالكفر، ولأنّ الشهادة مبنية على التفاضل والكمال، فلم يكن للعبد مدخل فيه كالرجم.

[١٩٦٠] مسألة: شهادة الأعمى تقبل فيما طريقه الصوت، سواء تحملها أعمى أو بصيرًا ثم عمي، خلافاً لأبي حنيفة والشافعي؛ لأن الصوت طريق لمعرفة الأشخاص والتمييز بين الأعيان شرعًا وعادة، أما الشرع فرواية الصحابة والتابعين عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنهم سمعوا منهن من وراء حجاب، وإنّما كانوا يميزون بين أسمائهن بالصوت، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال، فإنه يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم»، وقد علم أنهم لم يكونوا يفرِّقون بينهما إلا بالصوت، ولأن الإقدام على الفروج أغلظ من الشهادة عليه بالحقوق، وللأعمى أن يطأ زوجته مع العلم بأنّه لا يفرق بينها وبين غيرها إلا بالصوت، فكل هذا يدل على أن الصوت طريق للتمييز بين الأشخاص، ولأن العادة أن الأعمى إذا تكرر عليه سماع صوت زوجته وولده وصديقه وطال اجتماعه معهم وكثر إلفه وطروق صوتهم لسمعه، ومع العلم له بعينه وانتفاء اللّبس عنه بغيره، وميز بين شخصه بسماع كلامه وبين من سواه، وصار ذلك طريقًا مستمرا وإلفاً معتادًا لا يتخلله شك فيه، ولا ريب، ولا معتبر بأنّه قد يخفى عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>