بعض الأوقات وتتشابه به النغم والأصوات، لأنّ ذلك يزول مع إحكام التأمل ومع قوة العادة واستمرارها، كالبصير الذي إذا رأى الشخص الذي قد طالت غيبته عنه وبعد عهده به فإنه يشتبه عليه في أولى لقائه، فإذا أنعم ذلك وأدام التأمل زال اللّبس عنه، وإذا صحّ أنّ الصوت طريق يميز به بين الأشخاص صحّ أنّ العلم به واقع للأعمى، وجازت شهادته معه.
[١٩٦١] مسألة: تقبل شهادة الأخرس إذا فهمت إشارته، خلافاً لأبي حنيفة والشافعي؛ لأنّ الشهادة علم يؤديه الشاهد إلى الحاكم، فإذا فهم منه بطريق يفهم من مثله قبلت، كالناطق إذا أداها بالصوت، ولأنه معنى يحتاج إلى النطق فيقع الفهم، فإذا تعذر النطق جاز أن تقوم الإشارة مقامه إذا وقع الفهم بها، أصله الإقرار والطلاق.
[١٩٦٢] مسألة: لا تقبل شهادة كافر على وجه، وقال أبو حنيفة: تقبل شهادة أهل الذمة على سائر ملل الكفر إذا كانوا عدولاً في دينهم؛ ودليلنا أن كل من لم تقبل شهادته على المسلمين لم تقبل على غيرهم كالفاسق المسلم، ولأنها شهادة من فاسق كالشهادة على المسلم، ولأنه قد ساوى المسلم الفاسق في الفسوق وزاد عليه بالكفر، ولأنه نقص مؤثر في الشهادة كالرق.
[١٩٦٣] مسألة: لا تجوز شهادة الوالدين للمولودين، ولا المولودين لآبائهم الذكور والإناث، بعدوا أم قربوا، من الطرفين، وذهب داود وغيره إلى جوازها؛ فدليلنا قوله صلى الله عليه وسلم:«لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين»، فعم، ولأنه معلوم من طباع الناس أن الأب يحب نفع ابنه وإيصال النفع ودفع الضرر عنه، ويؤثر ذلك على نفسه حتى إنه ربما دعاه أن يشهد له بالزور ويركب في أمره كل محضور فيوصله إلى النفع الذي يبغي وصوله إليه، أو يخلّصه من الضرر الذي يريد دفعه عنه، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله