فأمسكي عن الصلاة). ولم يفرق؛ ولأنها رأت الدم في أيامها المعتادة كالحائل، ولأنه دم يمنع وجوب الصلاة، وجواز الوطء، فصح أن يوجد مع الحمل كالنفاس، ولأن العوارض التي ينقطع الحيض معها إذا لم يكن من أصل الخلقة لا تمنع وجوده كالمرض والرضاع، وذلك أن الشابة تحيض، وإنما تمنع الحيض على الصغيرة واليائسة لضعفها، ولا يمتنع على الشابة إلا لعارض من حمل أو مرض أو رضاع، وقد ثبت أن هذه العوارض ولا تحيل وجوده فكذلك الحمل، قال القاضي أبو بكر: ولأن الله عز وجل جعل عدة المطلقة ذات الإقراء ثلاثة قروء، وإنما الغرض من ذلك براءة الرحم، وقد علمنا أن الرحم يبرأ بحيضه واحدة ولا معنى للتكرار، إلا لأن الحمل قد يضعف عن حبس الدم فتحيض المرأة على حملها، فجعل الحيض مكررا لأن الحمل إذا قوي منع الدم أن يخرج، ولأنه إذا ثبت أن الحائض تحمل ثبت أن الحامل تحيض يدلك عليه حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وأسارير وجهه تبرق فقالت لأنت أحق بقول أبي كبير الهذلي:
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... برقت كبرق العارض المتهلل