[٢٠٧٥] مسألة: إذا مات الموصي فهل تدخل الوصية في ملك الموصى له بنفس موته أو حتى يقبلها؟، قال شيوخنا: يكون الأمر مراعى، فإن قبلها تبينا أنها دخلت في ملكه بموت الموصي، وإن ردها تبينا أنها لم تزل على ملك الموصي، ومن أصحابنا من يقول: إن الوصية باقية على حكم ملك الميت، وللشافعي ثلاثة أقوال: أحدها أنه مراعى، والآخر أنه يدخل في ملك الموصى له بنفس موت الموصي، والثالث بالموت وقبول الموصى له.
فدليلنا أنه قد ثبت أن الشيء الموصى به باق على ملك مالك، لأنه لا يجوز أن يكون مملوكاً لا مالك له، ولا يجوز أن يقال على ملك الميت لأنّ ملكه قد زال عنها إلى الموصى له أو الورثة، ولا يجوز أن يقال على حكم ملكه لأنّ ذلك فيما يخصه كالكفن، فأما فيما لا حق له فيه فلا يجب، فلم يبق إلا ما قلناه من أنه يكون للورثة وللموصى له، ولا يجوز أن يكون لأحدهما قطعاً، لأنه لو كان كذلك لم يكن للآخر أن يملكه، فثبت أنه مراعى، وأن الميت جعل له أن يتملّكه، فإن تملّكه تبينا أنه حصل ملكاً له بالموت، وكان قبوله دالاً على ذلك.
فوجه قول صاحبنا، إنّه تمليك غير مفتقرٍ إلى إيجاب وقبول، فلما لم يحصل قبول الملك فإن الملك لا ينتقل كالعطايا والهبات.
[٢٠٧٦] مسألة: إذا لم يكن له وارث معين لم يكن له أن يوصي إلا بالثلث، فإن زاد كان ما زاد لبيت المال ميراثاً، وقال أبو حنيفة: له أن يوصي بكل ماله؛ فدليلنا قوله صلى الله عليه وسلم:«إن الله تعالى جعل لكم ثلث أموالكم عند موتكم زيادة في أعمالكم»، وهذا نهي أن يكون للمريض حق تصرف فيما زاد على الثلث، ولأنها عطية تلزم بالموت فكانت في الثلث، أصله إذا كان له وارث معين، ولأن له من يعقل عنه فلم يكن له أن يوصي بزيادة