فإذا ثبت لنا ذلك بنينا عليه مسألتنا بعلة أنه تأخير للرفق بهم فلم يكره كالإبراد، لأن الإبراد رخصة وإباحة، والجماعة سنة مؤكدة وفضيلة، فإذا لم يكره التأخير للرفق والإباحة كان بأن لا يكره لإحراز السنة والفضيلة أولى وحكى الاسفرائيني الشافعي عنا: أنا لا نُجَوّز أن نصلي الظهر عقيب الزوال حتى يصير الفيء ذراعا، ولا أعلم هذا قولا لأحد من المسلمين، وإذا قلنا لأصحابهم: هذا غلط علينا لا أصل له، قالوا: لا يحكي شيخنا إلا الصواب.
[١٧٥] مسألة: إذا صار الظل مثله فهو آخر وقت الصلاة، خلافا لأبي حنيفة في قوله: إن آخره أن يصير الظل مثليه، لحديث جبريل أنه صلى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر في اليوم الثاني حين كان ظله مثله لوقت العصر بالأمس، وقال:(الوقت بين هذين) ولأنها صلاة تجمع إلى ما بعدها، فوجب أن يكون وقتها أقصر من وقت الثانية كالمغرب.
[١٧٦] مسألة: إذا كان الظل مثله فهو آخر وقت الظهر، وهو بعينه أول وقت العصر على سبيل الاشتراك، فإذا زاد على المثل زيادة بينه خرج وقت الظهر، وقال الشافعي: لا يدخل وقت العصر حتى يزيد على كون الظل مثله زيادة بينة، ولا يشترك عنده الوقتان، فدليلنا حديث جبريل وفيه فصلى الظهر حين كان كل شيء بقدر ظله لوقت العصر بالأمس، هذا تصريح بأن الصلاتين أوقعتا في وقت واحد، فدل أنه وقت لهما وروي أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كان ظل كل شيء مثله، فقال: قم فصل العصر، وروي: فصل الظهر وفي حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (آخر