للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلعله توقف في الإفادة إذا حصلت، هل باللفظة أو بالقرينة، وهذا يحسن نقله في قرائن المقال التي يستند فيها إلى اللسان، وأما قرائن الحال فالمنازعة فيها مكابرة في الضروريات.

ومن الناس من يثبت لهذه الصيغة اقتضاء معينا، واختلف هؤلاء على ست مقالات:

- فمنهم من زعم أن مقتضاها إرادة الامتثال، ولكن إرادة الامتثال تتضمن كون الممتثل مطيعا، فهذا نهاية متضمنها، واستشعار الوجوب يفتقر إلى قرينة، إلى هذا صار عبد الجبار الهمذاني في شرح العمد.

- ومن الناس من ذهب إلى حملها على الإباحة، ومنهم من ذهب إلى حملها على الندب، ذكر ذلك عن الشافعي، ومن أصحابنا عن أبي الحسن بن المنتاب، وأبي الفرج، وبه قال كثيرون من المعتزلة.

- ومن الناس من ذهب إلى حملها على الوجوب، وعليه جل الفقهاء، يضاف هذا المذهب إلى مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وصرح به من أصحابنا القاضي إسماعيل، وابن بكير، وبكر بن العلاء، وابن القصار، وابن خويز منداد، وأبو جعفر الأبهري.

وذهب أبو بكر الأبهري إلى التفصيل في هذا، فحمل أوامره سبحانه على الوجوب، وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم على الندب، إلا أن يكون بيانا لمجمل، أو ما في معناه، وإن كان قد اختلف النقل عنه فروي عنه موافقة من قال بالندب على الإطلاق، وروي عنه موافقة من قال بالوجوب على الإطلاق.

وأشار أبو المعالي إلى انفراده بمذهب أداة البحث إلى اختياره، وهو حمل الأمر على الاقتضاء، والطلب.

ولكن قصارى ما استفاد من جهة اللسان الاقتضاء الجازم، ولكن الوجوب إنما يعقل إذا ثبت في هذا الأمر الجازم، الوعيد على الترك. والوعيد على تروك أوامر الشرع الجازمة ثبت بالإجماع، فالوجوب مستفاد بهذا التركيب بين اللغة والشرع، فقد وافق القائلين بالوجوب، وإن كان خالفهم في هذا الترتيب، وقد صرح بعض أصحابنا بأن الوعيد مستفاد من اللفظ كما يستفاد منه الاقتضاء الجازم.

ولكن أبا حامد الإسفراييني صرح بما صرح به أبو المعالي، وسبقه إلى ما اختاره،

<<  <   >  >>