للمرأة إلا مرة واحدة، واختار لنفسه مما تردد فيه عن مالك حمل الأمر على التكرار، وهو اختيار ابن القصار، وبه قال من المتكلمين المعتزلة، ومن الأشعرية الإسفراييني أبو إسحاق، والمحكي عن الشافعي المذهب الأول، وذكر أيضا عن أبي حنيفة.
وذهب القاضي في جماعة الواقفية إلى الوقف، فيما زاد على المرة الواحدة، لأن المرة الواحدة متفق على ثبوتها، ويستحيل تحقق الأمر دونها، لاستحالة أمر لا يتعلق بمأمور به، وإنما هذه الثلاثة أقوال، فيما زاد على المرة الواحدة، فمن قاطع بالنفي، ومن قاطع بالتكرار على الدوام، ومن متردد بين هذين، وعمدة هؤلاء المترددين ما تقرر أن كل محتمل لا يصح الهجوم على أحد محتمليه إلا بدليل، والدليل على احتماله عندهم حسن استفهام الآمر عن مراده.
الا ترى أن السيد إذا قال لعبده زر فلانا، حسن أن يسأله هل أراد زيارة واحدة، أو زيارة متكررة؟ فلولا الاحتمال ما حسن السؤال، وأصدق شاهد على هذا سؤال رجل من الصحابة إما الأقرع بن حابس، أو سراقة ابن مالك، على اختلاف في الرواية، للنبي صلى الله عليه وسلم عن الحج، هل هو لعامنا هذا، أو للأبد؟ فلولا احتمال هذا اللفظ لم يسال هذا الصاحب، مع كونه عربيا عارفا باللسان، ألا تراه لم يسال عن المراد بالناس في قوله تعالى:(ولله على الناس حج البيت).
وقد أجيبت الواقفية عن هذا "بأن النبي عليه السلام انتهر هذا السائل"، فلو أصاب في السؤال ما انتهره، فدل على أنه سأل عما لا يحتمل، واعتذر الواقفية عن هذا الانتهار، بما عمل منه عليه السلام من كراهية كثرة المسألة، كما كان يفعل بنو إسرائيل مع أنبيائهم، مع أنه يمكن أن يكون هذا مما أفشي بيانه، حتى صار السائل كالمقصر، بل خفي عنه ما أفشاه، أو أراد منه أن يستعلم هذا من غيره من الذين علموا بيان النبي عليه السلام فيه.
واعتمدوا أيضا في الاحتمال على أن فعل الأمر وغيره من الأفعال مشتق من المصادر، كما تقدم قبل هذا، والمصدر لا يدل بمجرده على كثرة، أو قلة، فكذلك ما أخذ منه، لأنك إذا قلت أكلت أكلا، فإن قولك: أكلا مصدر، لا يدل على أكل قليل، أو كثير، مردد، أو موحد، فكذلك ما يؤخذ منه، وهو قولك: كل، لا يدل على شيء من هذا، بل فيه من الاحتمال ما في قولك: أكلا.
وأما الذاهبون إلى حمله على التكرار فإنهم يعتمدون على استشهاد بقياس، وعادة في التخاطب، أما القياس فلهم فيه مسلكان ضمني ومطلق، فأما المطلق فإنهم يقولون إن النهي