شعبة منه فتشعب من النظر في التحسين والتقبيح (...) وجوب عقلا، وشبه ذلك، والكلام في حكم الفعل قبل ورود الشرائع، وتشعب [منه أيضا] تكليف ما لا يطاق (كتكليف) الصبي والسكران والساهي، وتكليف الكفار بفروع الشريعة، وهذا الفصل في تكليف المكره متشعب (...) في التحسين فاعلم أن المكره على فعل، النظر فيه من وجهين:
أحدهما: جواز ورود الشرع بالنهي عن فعل ما أكره على فعله.
والثاني: جواز وروده بالأمر بفعل ما اكره على فعله، فأما ورود الشرع بالنهي عما اكره على فعله فمتفق على جوازه (...) وأكره رجلا على قتل مسلم لا يحل قتله، فإن الشرع قد ورد هاهنا بنهي هذا الرجل من قتل ما أكره على قتله
والثاني [قد] اختلف فيه الخائضون في هذا الفن، وهو صحة ورود الأمر بفعل ما أكره الإنسان على إيقاعه كنائم استيقظ في ضيق من (...) فأكرهه إنسان على إيقاع الصلاة، فعندنا أن الشرع يصح أن يرد بأمره بالصلاة، وكذلك ورد، كيف؟ ومالك ئة وجماعة من العلماء يرون أن من قال: لا أصلي فيهدد بالقول إذا ضاق الوقت، ويقتل إن لم يصل، وقالت المعتزلة في هذا القسم (...) الشرع يأمر المكره بفعل ما أكره على فعله.
ونكته النظر في النظر أنا قدمنا أن الإمكان والتمكين إذا حصلا صح، [فينظر] في حصول هذين الوصفين في هذا المكره، فإن حصلا له صح تكليفه، ولا شك أنهما قد حصلا له، لأن [ما] اكره عليه ممكن إيقاعه، بل زاد في الإمكان طبقة حتى خيل إلى المعتزلة أنه كالفعل الضروري الذي لابد منه (...) المكره أيضًا متمكن من الإيقاع، بل زاد في التمكن طبقة لاضطراره إلى الفعل، فإذا كان المكره عالما بما يفعل مقتدرا (...).
وقد وافقتنا المعتزلة على كونه مقتدرا، وأربوا علينا في وصفه بالاقتدار، فقالوا إنه قادر على فعل ما أكره عليه [وعلى] تركه بناء على أصلهم في القدرة المحدثة على الضدين،