فأما الأصولية فهي النظر في نهاية ما يخصص إليه العموم، حتى إذا جاء خبر واحد مخصصا لعموم ذكر في القرآن، وأخرج منه جميع مسمياته إلا ثلاثة، فإن ذلك مقبول على الأشهر من المذاهب في تخصيص العموم بأخبار الآحاد، فإذا تجاوز هذه المرتبة وأخرج جميع المسميات حتى لم يبق إلا اثنين، فهذا على القولين في أقل الجمع، فمن قال: إنه اثنان سلك مسلك من خصص حتى بلغ إلى الثلاث، لأن اللفظ حينئذ لم يخرج حتى يستعمل عليه في اللغة. ومن أنكر أن يكون أقل الجمع اثنين، وقال: لا تعبر العرب عن التثنية بلفظ الجمع لم يقبل تخصيص الآحاد، لأن قبوله يؤدي إلى إبطال معنى الكلام، ويصير كالرافع لجملته، ورفع جملته لا يكون بخبر الآحاد، لأن قبوله يؤدي إلى إبطال معنى الكلام، ويصير كالرافع لجملته، ورفع جملته لا يكون بخبر الآحاد، وهذا في تخصيص ألفاظ الجموع، لا في تخصيص أدوات الشرط، كقولك: من دخل داري، فهذه الفائدة الأصولية.
وأما الفائدة الفقهية فهي على ماذا يحمل إقرار المقرين إذا أقروا بجنس من الأجناس وعبروا عنه بلفظ الجمع غير منصوص عليه على عدد كالقائل: له عندي ثياب، أو له عندي دراهم أو دنانير؟ فاختلف الفقهاء هل يلزمه درهمان كما قال ابن الماجسون من أصحابنا، أو يلزمه ثلاثة دراهم، كما روي عن مالك رضي الله عنه. وهكذا يجري الأمر في اختلاف العلماء في حجب الأم عن الثلث إلى السدس بأخوين، فإن من رأى أن أقل الجمع اثنان، وأن قوله تعالى:(فإن كان له إخوة) ينطلق على الاثنين حجبها بالأخوين إلى السدس.
وقد أشار أبو المعالي إلى استبعاد هذه الفائدة الفقهية، وقال: ما أرى الفقهاء يسمحون بهذا. وليس الأمر كما قال، بل في كتب لا تحصى كثرة من كتب الفقهاء إجراء إقرار المقر بدراهم أو ثباب، على ما ذكرناه من الخلاف في أقل الجمع.
وأما الوجه الثاني وهو ذكر المذاهب في المسألة فالناس فيها على قولين: أحدهما أن أقل الجمع ثلاثة، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه، ويذكر أيضًا عن أبي حنيفة، وقد تردد ابن خويز منداد فيما يضاف إلى مالك في هذا، فأضاف إليه القول بأن أقل الجمع اثنان، لأجل مصيره إلى حجب الأم عن الثلث إلى السدس، قال: ويشبه أن يكون مذهبه أن أقل الجمع ثلاثة، لأجل ما قال في المقر بدراهم: يلزمه ثلاثة دراهم.
وأضيف إلى عثمان بن عفان وزيد بن ثابت رضي الله عنهما أنهما يريان أقل الجمع