للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اثنان لأجل مصيرهما إلى حجب الأم عن الثلث إلى السدس بأخوين، كما أضيف إلى ابن عباس أن أقله ثلاثة (...) إلى ابن مسعود لأجل قوله: إن الإمام إذا ائتم به رجلان قاما إلى جنبيه (ص ١١٧) ولو كانوا ثلاثة قاموا وراءه، وبه قال ابن فورك من أئمة الأشعرية، وأضيف إلى الخليل وسيبويه أن أقل الجمع اثنان، وبه قال القاضي ابن الطيب.

وأما الوجه الثالث وهو سبب الخلاف فإن عمدة من يقول: أقل الجمع ثلاثة إطباق النحاة على انقسام الكلام إلى توحيد، وتثنية، وجمع، وذكرهم التثنية وأحكامها وإعرابها وعلامتها في فصل مفرد عن أحكام الجمع، كما ذكروا الجمع وأحكامه وعلامته وإعرابه في فصل آخر، فرقوا في ذلك ما بين الجمع والتثنية في أحكام الألفاظ والعلامات والإعراب، فمن قال بعد ما قالوه: إن الجمع يعبر به عن التثنية كان كمن قال: إن الواحد يعبر به عن الجمع، أو يعبر به عن التثنية.

وأما الصائرون إلى أن أقل الجمع اثنان فاستشهدوا بمعنى عقلي، وهو كون الواحد إذا أضيف إلى الواحد شوهد بينهما التئاما وتجمعا، فوجب أن يكون أقل الجمع اثنين، وهذا ليس بيشئ، لأنه نظر في المحسوسات، ونحن إنما نتكلم على العبارات الموضوعة لها، وقد توجد معنى التسمية في الشيء ثم تنطلق التسمية على ذلك الشيء، هذا الملك مشتق من الرسالة، ولا يسمى رسلنا بعضنا إلى بعض ملائكة.

واحتجوا ايضا بالشرع كقوله تعالى: (فقد صغت قلوبكما)، وأجيبوا عن هذا بأن النحاة ذكروا أن تثنية ما ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد يكون بلفظ الجمع، لأن تقدم العلم بأن الإنسانين ليس لهما إلا قلبين حسن العبارة عنهما بلفظ الجمع الدال على الثلاثة لأمن الغلط فيه، بخلاف غيره من الجموع التي لا يؤمن من غلط السامع فيعتقد أن المراد بما سمع ثلاثة، والمتكلم إنما أراد اثنين.

وإلى هذا أشار ابو المعالي بأن هذا له باب وقياس، على أن سيبويه احتج لكون أقل الجمع اثنين بقول الشاعر:

............................. ظهراهما مثل ظهور الترسين

فجمع ظهرين، وليس لكل ترس إلا ظهر واحد، وأورد هذا شاهدا مطلقا غير مختص

<<  <   >  >>