للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة التخصيص بخبر الواحد تعويلا منهم على أنه مسلك الصحابة رضي الله عنهم ورأيهم، ومن تتبع فتاويهم ومحاجتهم علم منها هذا.

وقد استشهد السالكون لهذه الطرقة أن أبا هريرة لما روى "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها"، انقادت لذلك الصحابة رضي الله عنهم، وخصوا به عموم قوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذالكم)، وهكذا خصوا بقوله [صلى الله عليه وسلم]: "لا وصية لوارث" عموم آية المواريث، وقد قال فيها تعالى: (من بعد وصية يوصى بها أو دين)، وقال في آية أخرى: (... الوصية للوالدين والأقربين)، وإن كان في هذه الآية اضطراب بين العلماء.

وقد ذكر الصديق قوله عليه السلام: "لا نورث ما تركناه صدقة" الحديث، دفعا لفاطمة رضي الله عنها عن مطالبتها الميراث، ولم تنكر ذلك عليه. وقد أجيب عن هذا بأنه يمكن أن يكون بعض هذه الأحاديث علموا رضي الله عنهم صحتها، فلهذا استدلوا بها، أو ظهرت قرائن اقتضت الاستدلال.

وقد قال الآخرون مستشهدين أن الصحابة لم تخص العموم بأخبار الآحاد، أن عمر رضي الله عنه رد خبر فاطمة بنت قيس إذ أخبرت بأنها لا سكنى لها ولا نفقة: "لا ندع كتاب ربنا لامرأة لا ندري نسيت أو شبه عليها"، إلى غير ذلك من الألفاظ التي نقلت عنه في حديثها.

وهذه عائشة أيضًا رضي الله عنها ردت قول ابن عمر عن النبي عليه السلام: "أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه" بعموم قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، فرأت أن تعذيب الميت بفعل الحي فيه يحمل وازرة وزر أخرى، خلاف ما تضمنت الآية.

وقد أجيب عن هذا بأن عمر رضي الله عنه إنما رد خبرها لاسترابة استرابها منها خاصة،

<<  <   >  >>