الولي فسخه. وهذا تعسف في التأويل لا يقبل لأجل أن الولي لا يبطله على كل حال، حتى يحسن وصف الحال بما يكون في المآل، كما حسن ذلك في قوله تعالى:(إنك ميت وإنهم ميتون)، لأجل أن الموت على الخليقة ضربة لازم. والولي هاهنا قد يختار إمضاءه، فالبطلان ليس بضربة لازم، وإذا كان الإبطال في المآل مجوزًا كما يجوز الإمضاء، لم يحسن القطع على أحد المجوزين.
وأما حملهم على الأمة فيرد من ثلاثة أوجه:
- أحدها: أن هذا الذي ذكرناه من كون السيد مخيرًا بين إمضاء نكاحها أو رده على أصولهم، وعلى أحد القولين عندنا في الأمة، وإن كان لم يختلف مذهبنا في الحرة إذا أنكحت نفسها.
- والثاني: قوله عليه السلام في هذا الحديث: "فإن وطئها فلها مهرها"، والمهر ليس للأمة بل لسيدها، والحديث أضاف فيه المهر للموطوءة، وهذا الرد يقوى على القول بأن العبد لا يملك، فإن المهر لا يملكه إلا السيد.
- والثالث: قوله: "فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له"، والسيد لا يشاجر في أمته، ولا مدخل للسلطان معه فيها.
وأما حملهم على المكاتبة فباطل، وإن كان المهر لها، من جهة ما قدمناه من تخيير سيدها، وأن سيدها لا يشاجر فيها.
وأبطله القاضي ابن الطيب من جهة أخرى وقال: يعلم بالضرورة فساد هذا التأويل، لأن قوله:"أيما" لفظ من أدوات الشرط، وأدوات الشرط من أبلغ ألفاظ العموم، و"أي" وما فيها من آكد ما يعم، وقد أكدت أي بـ "ما"، وهذا كله يشعر بقصد العموم والعبارة (ص ١٦٧) عن صورة نادرة، فإنما تقع بلفظ عام بالغ في التعميم، على هذا الأسلوب لا يصح، ولا يقع ذلك من فصيح سلك في كلامه الجد، وجانب الهزل واللغز، وهذا إن تصوره متصور فإنما يتصوره عند وقوعه جوابا عن سؤال أو قصدا إلى مطابقة شاهد حال، وأما لرسول يقصد عمدا تأسيس شرع، وتعلمي حكم كلي، فإن هذا كالقرينة الحالية إلى قصد الصورة النادرة، ومثل هذه التأويلات من النكت النادرة.
وهذا هو الجواب عن قوله: المكاتبة مما شملها العموم، والتأويل هو حمل اللفظ على عض ما شمله العموم، لأنا بينا أن ذلك لا يحسن في محامل نادرة ينفيها حكم اللفظ ومقتضى القصد، ومن قال: لقيت أسدا، وأراد شجاعا لم يبعد، وإن كان الأظهر أنه المفترس. ومن قال: أردت رجلا أبخر، لأن السبع أبخر فاستعرت لهذا الإنسان تسميته عند