- وصوم واجب بإيجاب المكلف مضمون كنذر شهر بغير عينه.
- وصوم تطوع.
فجميع هذه الأنواع تفتقر إلى نية عند فقهاء الأمصار، وخالف زفر فقال: الصوم المعين الواجب الذي لا يصح زمانه إلا للصوم، وقد عينه الله سبحانه للصوم، وصار مستحق العين في ذلك لا يفتقر إلى نية كرمضان، لأن رمضان أوجب الله صومه، لم يجعل أيامه صالحة للفطر، ولا إلى صوم النفل، ولا لقضاء صوم واجب كفارة أو قضاء، وهذا في حق الحاضر الصحيح.
وأما من له إفطاره للمرض أو السفر فلا بد أن ينوبه، لما حصل من التمييز فيه. وقدر زفر استحقاق هذه الأيام لهذه العبادة مغنيا عن النية، لأن القصد في شرع النية التمييز، وإذا لم يصح في رمضان إلا الصوم، ولم يفتقر إلى قصد تمييزه من غيره من الأيام، فإنها تصلح للإمساك عن الطعام عادة وللإمساك عبادة، فافتقر أحد الإمساكين وهو العبادة إلى قصد (ص ١٦٨) تمييزه عن نقيضه الذي هو الفطر، وهذا هو الذي يعتمد عليه الرجل، لا على ما أشار إليه بعضهم من أنه رأى الصوم تركا للطعام، والتروك لا تفتقر إلى نية، ألا ترى أن المصلي واب عليه أن يترك الطعام والكلام في الصلاة، ولا يجب عليه أن ينوي ذلك، ولو كان الرجل يعتمد على هذه الطريقة عندي لكان متناقض المذهب، لأن سائر أنواع الصوم تتساوى في كونها تركا للطعام والشراب، ثم مع هذا هو يوجب النية في معظم أنواعها، فما ذلك إلا لما قلناه، لا ما يقوله هذا المتأول عليه.
ويعتمد زفر في الاستدلال على صحة ما أصل بأن رد الوديعة، ورد المغصوب لا تفتقر إلى نية، لما كان رد الوديعة والغصب لا يتنوعان إلى فرض ونفل، ولا يرخص في تركها، فاستغنى عن النية فيها.
ونوقض زفر بمن استيقظ فيها طلوع الشمس بمقدار ما لا يحمل أكثر من صلاة الصبح، فإن هذا الزمن قد تعين للصلاة، ولا رخصة في تركها، ولا يصح التنفل بها، ثم مع هذا لابد لهذا المصلي من نية، والصلاة والصوم عبادات بدنية، والغضب والوديعة حقوق مالية، فرد العبادة البدنية إلى عبادة بدنية أولى من ردها إلى حقوق مالية. وأيضا فإن الصلاة والصوم حقان لله سبحانه، و [رد] الغصب والوديعة حق للخلائق، فرد حقوق الله سبحانه بعضها إلى بعض أولى. وهذا ستعلم طرق الترجيح فيه إن شاء الله في كتاب القياس، وإنما ذكرناه هاهنا لتعلقه بما نحن فيه.
وما تعلق المسألة بتأويل الظواهر فإن زفر يقول: قال الله تعالى: (فمن شهد منكم