المذكورين معه: ذوي القربى ومن بعدهم. وقال غيره: بل يرجع إلى من يلي بعده. وذهب أبو حنيفة إلى قسمه على ثلاثة أصناف، فاسقط ما أضيف إلى الله سبحانه كما صنع الشافعي، وأسقط ما أضيف إلى النبي عليه السلام، وأسقط ما أضيف لذوي القربى، واختلف أصحابه؛ هل كانوا يستحقونه في حياة النبي عليه السلام؟ ولكن هذا الاستحقاق سقط بموته، أو كانوا غير مستحقين له أصلا.
وذهب مالك إلى صرف الخمس إلى الأوكد فالأوكد من الأصناف المذكورين، فتلخص من هذا أن مالكا لا يعين له مصرفا ولا يعدده، وأن من سواه يعينه ويعدده. فأبو العالية صرفه في ستة، والشافعي صرفه في خمسة، وأبو حنيفة صرفه في ثلاثة.
وتشعب من هذا الخلاف الثلاثة أقوال المذكورة، فيمن يصرف إليهم سهم النبي عليه السلام، فمن قال: يصرف سهم النبي عليه السلام في مصالح المسلمين تعلق بقوله عليه السلام: "ليس ليس مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود فيكم".
وتعلق من يراه يصرف إلى من يقوم بالأمر بعده بقوله:"ما أطعم الله نبيا طعمة إلا جعلها لمن يقوم بالأمر بعده" الخبر كما وقع.
ومن يقول: يعود على بقية الأصناف يعتل بأن سائر الأصناف مستحقون لهذا المال، فإذا سقط حق بعضهم عاد على من سواه من المستحقين له المشاركين له في الاستحقاق.
وأبو العالية يتعلق باللفظ، ويرى أن التنصيص على أصناف ذكروا بصفاتهم كالتنصيص على أشخاص ذكروا بأسمائهم، فكما لا يصح تعطيل بعض أسماء الأشخاص، فكذلك لا يصح تعطيل بعض أسماء الأصناف. ويرى الشافعي ما رآه، ولكنه أسقط ما ذكرناه لما حكيناه من القربى، ويرى أبو حنيفة ما يراه الشافعي في الإسقاط على الجملة، ولكن زاد في الإسقاط ذوي القربى، واعتقد أنهم إنما يعطون إذا كانوا فقراء محاويج، والقصد بالآية سد الخلة فيمن ذكر بعدهم، فكذلك القصد فيهم.
فإن قيل له: لام عنى لذكر القرابة، لأن الفقير من قرابة النبي عليه السلام عندك كالفقير ممن سواهم، فذكر القرابة على هذا لغو، والقصد إعطاء الفقير، ولا يحسن أن يكون قصد المتكلم الأمر بإعطاء الفقراء فيقول أبو حنية: لما كانت الزكوات حراما على هؤلاء الأقرباء، وإن كانوا فقراء أمكن الخمس حراما عليهم، وإن كانوا فقراء أيضا ـ