لاتصاله، وهو جواز الاقتصار (...) ص (٢٤١) الناس في هذه المسألة على أربعة أقوال:
- أحدها: إجازة ذلك على الإطلاق.
- والثاني: منع ذلك على الإطلاق.
- والثالث: إجازة ذلك إن كان تقدم من الناقل رواية الحديث تاما، وتقدم ذلك من غيره، ومنعه من الاقتصار على بعض الحديث إن لم يكن تقدم منه روايته على التمام، ولا تقدم ذلك من غيره.
- والرابع: الجواز إن لم يكن ما سكت عنه تتمة لما قبله، ومتعلقا [به] كالشرط، والاستثناء، والتقييد، ولا كان قادحا فيما نقل، ويقيده، ولا يوهم غلطا فيه.
وقد أشار الحذاق من الأئمة إلى أن المانعين من نقل الحديث على المعنى يمنعون ما نحن فيه على الإطلاق، وكأنهم يرون أن علة المانعين لنقل الحديث على المعنى إمكانهم غلطهم في المعنى إذا غيروا العبارة، وهذا الإمكان يتقدر فيما نحن فيه، لجواز أن يكون ما سكت عنه الناقل متعلقا بما قبله ومؤثرا فيه، وإن كان الناقل لا يعتقد ذلك.
وعندي أنه كان تغيير العبارة أشد من الاقتصار على بعض جمل الحديث في النقل، لأنه لا يبعد أن يعرف من غير العبارة بأنه كان، فمتى قال رجل: قال لي زيد: اقعد، وزيد إنما قال له: اجلس، فقد يهجس في النفس أن هذا لا حق بالكذب. وإذا قال: قال لي زيد: اجلس، وسكت عن قول زيد له: وهل رأيت عمرا، لم يكن ذلك مما يتخيل فيه متخيل أنه قد كذب.
وقد أشار القاضي أبو محمد عبد الوهاب إلى حمل مذهب المجيزين على الإطلاق على ما لا يغير السكوت عنه حكم الأول، ولا يوهم فيه غلطا، لتصير المذاهب على هذا التأويل ثلاثة، وسقط الرابع.
والذي عليه الحذاق من الأئمة منع ذلك متى أدى السكوت عن نقل بعض الجمل إلى تغيير معنى الأول، أو إيهام غلط فيه، وإجازة ذلك متى أمن من هذين على حسب ما تقدم ذكره، لأنا إذا أمنا مما ذكرنا جرى الاقتصار على ذكر إحدى الجمل المسموعة في مجلس، فجرى الاقتصار على ذكر حديث سمع في يوم، والسكوت عن نقل الحديث سمع