إلا الوجود فيجعله علة جواز الرؤية، ويقول المعتزلي إنما امتنعت الرؤية لبعد [مفرط أو] قرب مفرط، أو ساتر بين الرائي والمرئي، ويذكر ما يخطر بالبال من الموانع حتى يتوصل إلى غرضه، في أن اله سبحانه لا يرى في الآخرة، فهذا النوع من التقسيم لا يوثق به لجواز أن يبقى قسم لم يخطر ببال المقسم، ولو استقصى البحث لعرفه، أو (...) عنه، ويكون هذا القسم هو علة الحكم المطلوب، دون اعتقده المقسم، وهو (...)، سبق إليه في فنون من هذا النوع.
وأجيب عنه بأن هذا القسم (الم ...) لم يف عليه (...) العلم ضرورة (ل ...)(ص ٣٦) ناتج الصدر، وقد عكس على قائله فقيل له هلا جعلت مقدم الدليل على الانتفاء دليلا على الثبوت بعكس جعلك فقد الدليل على الثبوت دليلا على الانتفاء؟
وأجيب أيضًا عن الاعتراض بجواب آخر، وهو أن التشكك في ثبوت قسم يقتضى التشكك في ثبوت آخر، وآخر، هكذا إلى ما لا ينحصر، وهذا لا يصح تصوره واعتقاده، والتحقيق في هذا الاعتراض والانفصال عنه سيبسط في موضعه من كتب علم الكلام، إن شاء الله عز وجل.
وذكر أبو المعالي رد الغائب إلى الشاهد في العلة، مثاله أنه قد ثبت كون العالم منا عالما، يعلم بالعلم، فإذا ثبت كون البارئ سبحانه عالما وجب تعليل هذا الحكم بالعلم أيضا. والثاني الشرط مثاله: قد ثبت أن كون العالم منا مشروط حصول علمه بحصول الحياة، فإذا ثبت كون البارئ سبحانه عالما بعلم فيجب كونه حيا بحياة، طردا لهذا الشرط والمشروط، والثالث الحقيقية. فإذا ثبت أن حقيقة العالم منا من له علم، وثبت كون البارئ سبحانه عالما، وجب إثبات العلم له، طردا لهذه الحقيقة، والرابع الدليل، فإذا دل إحكام الفعل فينا على علم فاعله، دل إحكام الخليقة بأسرها على علم خالقها، وهو الله سبحانه.
ولما ذكر أبو المعالي هذه الأصول التي تدور عليها جل دقائق علم الكلام، وأكثر أبوابه، وكثير من العقائد، أتبعها بالرد والإنكار، وخالف في ذلك طريقة سائر النظار، والنكتة التي عول عليها في إبطال طريقة من تقدمه أنه قال: لا قياس في العقل، ورد غائب إلى شاهد لا معنى له، فإن قام في الغائب دليل كما قام في الشاهد، فالدليل المتبع، ولا