معنى للرد، وإن كان الدليل إنما قام مختصا بنفس الشاهد، فما الواجب رد الغائب إليه؟.
وأنكر في كتابه المترجم بالبرهان ثبوت الأحوال، فإذا أنكرها، فلا شك في بطلان الرد في العلة، إذ لا علة ولا معلول عند نفاة الأحوال، وكذلك ينكر الرد في الحقيقة، لأن علم الله سبحانه مخالف لعلمنا، فلا يجتمعان في حقيقة، وإن فرض اجتماعهما في حقيقة العلمية، فذلك إشارة إلى الحال، وهو لا يقول بها.
فاعلم أن هذا الذي هول به لا طائل تحته، وأنه برز إلى القوم بروز حرب، وهو يرى الباطل لهم سلم؟ وذلك أنا نقول للقاضي إذا قام الدليل على أمر في الشاهد فرددت إليه الغائب، فلا يخلو أن يكون ذلك الدليل انتظم الغائب والشاهد، ومعناه متصور في الغائب (...) والشاهد، أم الدليل الذي فرضت مختص في الشاهد لم ينتظم الغائب، فإن قال: لم ينتظم الغائب، ولا يتصور في الغائب (...) حاشاه أن يقول هذا، حاشاه.
فالذي قال أبو المعالي هو: وما الذي رد الغائب إلى دليل لم يقم عليه، ولم يتصور فيه، ويقال لأبي المعالي إذا فرضنا أن الدليل قام فينا انتظم الغائب والشاهد، وتصوره في الغائب كتصوره في الشاهد، فهل تمنع المساواة بين الغائب والشاهد في مقتضى الدليل؟
فلابد أن يجيب بأنه لا يمنع من ذلك، وحاشاه أيضًا أن يخالف في هذا، فليس إلا أحد القسمين، وقد بينا أن كل واحد منهما لا يخالف فيه القوم بعضهم بعضا، فإنما تبقى المناقشة في العبارة، وتسمية هذا ردا مع كونه معلوما من نفس الدليل بعينه، المشار إليه، وأنت إذا تأملت هذه الطريقة التي أريناك أجريتها في بقية الأقسام، وعلمت أن القاضي (...) وأن الحال التي اختص فيها العالم، لا يصح حصولها إلا مرتبطة بالعلم، وأنه قد قام عنده الدليل على وجوب ارتباط هذه (... ال) على الإطلاق في سائر العالمين بعلته، وهي العلم، إذ هذا التعميم هو معنى إثباته إياها علة، لأنه لو حصل هذا الحال (...) تكن علة وقد قام الدليل عنده على كونها علة، وهذا الدليل اللذي قام على كونها علة لابد أن يكون منتظما لسائر [العالمين] على هذا يجري في الشرط والمشروط، وكذلك الحقيقة يجري فيها هذا المجرى حتى يرجع الخلاف بين أبي المعالي