الجهات الانقسام، أو يقول له: نحن نرى الجسم متناهيا بالطرفين، وكيف يكون ما لا يتناهى، له طرفان؟ أفترى عاقلا أن يقول إن الإصغاء لهذا كالإصغاء لمن قال للقاعد لست بقاعد.
وكم من عالم نحرير نصر مذهبا حقا أو باطلا أكثر أيام عمره وكان واثقا باستدلاله عليه، ثم انتقل عنه إلى نقيضه، وهل في الأرض عاقل يبدل اعتقاده في وجود نفسه؟ فهذه تفرقة لا يكابر فيها عاقل، ولا يمتري في تأتي تشكيكه نفسه في النظريات، وامتناع ذلك عليه في الضروريات، نعم حالة وقوع العلم لا يضامه الشك، لكونهما نقيضين.
وأخذ أبو المعالي بمثل ما علمنا، بمسألة ثبوت العرض، ولكنه لم يبعد النجعة، كأن يتمادى إلى آخر فصول حدث العالم، ويورد كل ما علينا من الأسولة، وكل ما لنا من الأجوبة، حتى يبصر كيف تدق الأمور، وتتفاوت مراتب العلوم في المعاني التي أشرنا إليها وهي في غيرها مما يبسط في مواضعه إن شاء الله عز وجل.
فإن طلب الرجل نفسه، وجميع أبواب علم الكلام بأن يجري فيها على هذا الأسلوب الذي هو تردد بين أنحاء الضرورة خاصة فقد طلب معوزا (...) معجزا، وكثير من براهين أشكال المهندسين إنما هي علوم ضرورية مستورة عن العقل، فإذا زال ذلك الساتر عرف (...) الأول الضروري بعينه ونحن لا نطلب في علومنا هذا المطلب، ولهذا سمى أهل المنطق استدلالنا إقناعا (وه ...) معنى الذي علينا أن نكلمهم على مسألة من الإلهيات ونظير حقيقة حجاجنا فيها، ونسامحهم بالمعاندة و (...) كل ما ورد حتى نضطرهم إلى الاستناد إلى مقدمة ضرورية، لا يمكن فيها عناد، ولا مكابرة، ثم ليسموا بعدها (...) في كثير من قوانينهم التي لا تخالف الشرائع، يتمسكون فيها بطرق من الجدال (...) الذي يصنعون في الإلهيات لولا المقصود من غرض هذا الكتاب لأوردت عليك (...) أو بطريقهم حتى ترى أنت (...).