أحدهما ويجهل الآخر، وهي معلومات النسب، والتضمين، كالعلم بفوق، فإنه يستحيل أن يعلم فوق من يجهل تحت، وكذلك يمين وشمال، وخلف وقدام، وكذلك إذا قلنا هذا غير هذا، وهذا مثل هذا، وهذا خلاف هذا، فمن المحال أن يعلم التماثل بين اثنين أو التغاير بينهما من لا يعلم إلا واحدا منهما.
وأما ما لا يتلازم كزيد وعمرو، فلابد من اتحاد المعلوم، ولا يصح عنده أن يعلم هذان بعلم واحد، لأنا لو فرضنا أنهما يعلمان بعلم واحد لأدى ذلك إلى الجمع بين النقيضين، لأنه معلوم بالضرورة أنه من الممكن أن يعلم زيد، ويجهل عمرو، ويعلم عمرو، ويجهل زيد، فإذا قررنا تعلق علم واحد بهما أدى إلى أحد محالين، إما إحالة جائز أوجمع بين النقيضين، لأن العلم الواحد إذا تعلق بهما، فإن قلنا لا يصح أن يجهل أحدهما أحلنا ما كنا قدمنا القطع بجوازه وإن قلنا يصح الجهل بأحدهما مع بقاء العلم بالآخر فقد صار هذا الذي فرضنا الجهل به معلوما، من حيث فرضنا بقاء العلم المتعلق بصاحبه مجهولا من حيث فرضنا طريان الجهل به، وإذا كانت هذه العلة في منع تعلق علم حادث بمعلومين، فلا شك في فقدانهما في المتلازمين لما بيناه من استحالة العلم بأحدهما دون الآخر، وإذا وجب تقارنهما في العلم، لم يقتض تعلق علم واحد كما بيناه.
وأما أبو الحسن الباهلي أستاذ القاضي ابن الطيب، فإنه أجاز تعلق علم ضروري بمعلومات، ومنع ذلك في النظريات، لأن كل مسألة تختص بنظرها، ونظر ما يضاد نظر صاحبتها، لأن كل نظرين ضدان، والضدان لا يجتمعان، فتجويز تعلق علم نظري بمعلومين يتضمن إثبات نظرين، وإثبات نظرين معا محال، ولو جاز إثبات ذكرين لنظرين معا، فإنا نمنع تعلق علم ذكري بمعلومين، لأنه إذا ثبت ذلك في مهتديه ثبت في ذكره، إذ لا يصح أن نحيل أمرا في العلم الواقع عقيب النظر، ونجيز في العلم الواقع عند تذكار ذلك النظر مع كون (... رى) العلم متعلقا بما تعلق به الأول، وإذا كانت العلة عند هذه فلا شك أيضًا في فقدانها في الضروريات.
وحكى عن (...) وأصحابنا جواز تعلق العلم الحادث، بمعلومات متناهية، أو غير متناهية، وعبر هؤلاء كون علم الباري سبحانه متعلقا بما لا يتناهي، ومن حق العلل أن تطرد على سياق واحد شاهدا وغائبا، وهذا مذهب ضعيف لا يرتكبه محقق،