للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووجود التفرقة بين علم الله سبحانه، وعلمنا، مذكور في كتب الكلام.

والدليل القاطع على أننا لا نعلم ما لا يتناهى، وأن ذلك مخال منا مبني [على] القاعدة، وهي إحالتنا تعلق علم حادث بمعلومين، ولو فرضنا أن الإنسان يعلم ما لا يتناهى من المعلومات لاقتضى (...) لا تتناهى وخلق علوم لا تتناهى في زمن متناه محال، فهذه مقدمة لما نحن بصدده.

وأما المعتزلة (... ني) القول بأن العلم يتعلق بالأمر على (...) مسألة اختلف الناس والمعتزلة على (ص ٤١) تجويز ذلك، إلا ابن الجبائي فإنه منعه في أحد قوليه، وأكثر أئمتنا على تجويز ذلك أيضا، وإذا قلنا بتجويز ذلك فبين أبي الحسن الأشعري والقاضي اختلاف: هل لابد أن يضام العلم على الجملة بالتفصيل أم لا؟ فرآه القاضي مضاما لها، ولم يره أبو الحسن الأشعري.

وقد اعتمد من قال إن العلم يتعلق على الجملة، كما يتعلق على التفصيل بأنا نعلم أن معلومات الله سبحانه لا تتناهى، وهذا علم منا على الجملة، وأجاب الآخرون بأنا إنما علمنا هاهنا بأن لله سبحانه علما يتعلق بما لا يتناهى فمعلومنا علم الله سبحانه، لا ما لا يتناهى، وهذا جواب ضعيف، ونحن نعلم حقيقة ما لا يتناهى على الجملة، وإن لم يستند ذلك إلى علم الله سبحانه به.

وكذلك نعلم من فارقناه عن قريب أنه بالمدينة معنا على الجملة، وإن كنا لا نعلم عين مكانه على التفصيل. وكذلك الدرهم المختلط مع دراهم نعلمه كائنا مع جملة الدراهم على الجملة، ولا نعين كونه ومكانه.

وأما طريقة من منع تعلق العلم على الجملة فسنشير إليها في آخر هذا الفصل إن شاء الله تعالى. وأما اختلاف القاضي وأبي الحسن في كون العلم الجملي لابد أن يضامه الجهل بالتفصيل، فإنما يتضح معنى خلافهما إذا كشفت لك حقيقة منها ترقي إلى صرف خلافهما إلى عبارة، وذلك أن الذات قد تقرر أن لها صفات عامة حتى لا يوجد فوق تلك الصفة ما هو أعم منها، وخاصة حتى لا يوجد تحت تلك الصفة ما هو أخص منها، وبين هاتين صفات تكون بالمقايسة إلى ما فوقها خاصة، وإلى ما تحتها عامة، وبيان ذلك بالمثال: أن

<<  <   >  >>