{مِيثَاقَكُمْ} {ءاتيناكم} {إِيمَانُكُمْ}
(٩٣) - وَحِينَما جَاءَكُمْ مُوسَى بالتَّورَاةِ، وَرَأيْتُمْ مَا فِيهَا مِنْ تَكالِيفَ، شَقَّتْ عَلَيْكُمْ، واسْتَثْقَلْتُمْ أعْبَاءَهَا، فَأَرِادَ اللهُ أنْ يُريَكُمْ آيةً عَلَى صِدْقِ التَّورَاةِ، وبُرْهَاناً عَلَى أنَّهَا كِتَابُ اللهِ، فَرَفَعَ فَوْقَكُمْ جَبَلَ الطُّورِ حَتَّى صَارَ فَوْقَكُمْ كَالمِظَلَّةِ، وَهَدَّدَكُمْ بِإسْقَاطِهِ عَلَيكُمْ إنْ لَمْ تُعْلِنُوا قَبُولَكُمْ بِالمِيثَاقِ الذِي وَاثَقَكُمُ اللهُ بِهِ، وَهُوَ ألاَّ يَأخُذَكُمْ هَوًى فِي الامتِثَالِ لِمَا جَاءَ فِي كِتَابِ اللهِ وَأَلاَّ تُقَصِّرُوا فِي الأخْذِ بِمَا فِيهِ، فَقُلْتُمْ آمنَّا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا قَوْلاً، وَلكِنَّكُمْ عُدْتُّمْ إلى مُخَالَفَته عَمَلاً فَكُنْتُم وَكَأَنَّكُمْ قَلْتُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ شَعَرُوا بِحُبِّ العِجْلِ يَخْلُصُ إِلَى قُلُوبِهِمْ، وَيَنْفُذُ إِليها كَمَا يَنْفُذُ المَاءُ فِيمَا يَدْخُلُ فِيهِ فَيَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ، فَكَيْفَ يَدْعُونَ الإِيمَانَ لأَنْفُسِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَامُوا بِجَمِيعِ هذِهِ الأعْمَالِ المُنْكَرَةِ، مِنْ نَقْضِ مَوَاثِيقِ اللهِ، وَالكُفْرِ بآيَاتِهِ، وَمِنْ عَبَادَتِهِمُ العِجْلَ، وَقَتْلِهمِ الأنْبِيَاءَ؟ وَيَأَمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَقُولَ لِلْيَهُودِ تَوبِيخاً بَعْدَ أَنْ عَلِمُوا أحُوالَ أَسْلاَفِهِمْ الذِينَ يَقْتَدُونَ بِهِمْ فِي كُلِّ مَا يَأْتُونَ وَمَا يَذَرُونَ: إِنْ كُنْتُمْ مُخْلِصِينَ في إِيمَانِكُمْ بِالتَّورَاةِ، فَبِئْسَ هذَا الإِيمَانُ الذِي يَأْمُرُكُمْ بِالأَعْمَالِ التِي تَعْمَلُونَها، كَعِبَادَةِ العِجْلِ، وَقَتْلِ الأَنْبِيَاءِ، وَالإِيمَانِ بِبَعْضِ الكِتَابِ، وَتَرْكِ العَمَلِ بِبَعْضِهِ الآخَرِ.
أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْل - شَعَرُوا بِحُبِّ العِجْلِ يَخْلُصُ إلى قُلُوبِهِمْ وَيَنْفُذُ إِلَيْها كَمَا يُنْفُذُ المَاءُ فِيمَا يَدْخُلُ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute