للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَا أَيُّهَا} {آمَنُواْ} {السلام} {الحياة}

(٩٤) - يُنَبِّهُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ إلى ضَرْبٍ آخَرَ مِنْ ضُرُوبِ القَتْلِ خَطَأً، كَأنْ يَحْصَلَ أَثْنَاءَ سَفَرٍ، أَوْ غَزْوٍ فِي سَبِيلِ اللهِ إلى أَرْضِ المُشْرِكِينَ، بَعْدَ أَنْ كَانَ الإِسْلاَمُ قَدِ انْتَشَرَ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ مِنَ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ، وَكَانَ بَعْضَ المُسْلِمِينَ يُحَاوِلُونَ الاتِّصَالَ بِإِخْوانِهِمُ المُسْلِمِينَ، فَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى المُسْلِمِينَ بِأَنْ لاَ يَحْسَبُوا كُلَّ مَنْ وَجَدُوهُ، فِي أَرْضِ الكُفْرِ كاَفِراً، وَأَنْ يَتَرَيَّثُوا فِي الحُكْمِ عَلَيهِ حَتَّى يَفْحَصُوا أَمْرَهُ وَيَتَبَيَّنُوهُ.

(وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ إِثْرَ حَادِثٍ وَقَعَ لُغُزَاةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَدْ مَرَّ بِهِمْ رَجُلٌ مِنْ سُلَيْمٍ يَرْعَى غَنَماً فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ بِتَحِيَّةِ الإِسْلاَمِ، فَقَالُوا إِنَّهُ لاَ يُسَلِّمُ عَلَينا إلاَّ لِيَتَعَّوذَ مِنَّا، فَعَمَدوا إلَيهِ فَقَتَلُوهُ وَأتوا بِغَنَمِهِ إلى النَّبِيِّ) .

وَيَقُولُ تَعَالَى: إذَا كُنْتُمْ تُجَاهِدُونَ فِي أَرْضِ الأَعْدَاءِ فَتَبَيَّنُوا، وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُسَلِّمُ عَلَيكُمْ، وَيُظْهِرَ لَكُمْ إِسْلاَمَهُ، لَسْتَ مُسْلِماً، وَتَقْتُلُونَهُ رَغْبَةً مِنْكُمْ فِي الاسْتِحْواذِ عَلَى المَغْنَمِ مِنْهُ، فَعِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِمَا رَغِبْتُمْ فِيهِ مِنْ عَرَضِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، الذِي حَمَلَكُمْ عَلَى قَتْلِ مِثْلِ هَذَا الرَّجُلِ الذِي أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ، وَأَظْهَرَ لَكُمُ الإِيمَانَ، فَتَغَافَلْتُمْ عَنْهُ وَاتَّهَمْتُمُوهُ بِالمُصَانَعَةِ وَالتَّقِيَّةِ لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَمَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرِّزْقِ الحَلاَلِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ مَالِ هَذَا. وَقَدْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ، فِي مِثْلِ حَالِ هَذا الرَّجُلِ الذِي يُسِرُّ إِسْلاَمَهُ، وَيُخْفِيهِ عَنْ قَوْمِهِ، فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ بِالعِزِّ وَالنَّصْرِ، وَهَدَاكُمْ إلى الإِسْلاَمِ، وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، لاَ يَخْفَى عَلَيهِ شَيءٌ مِنَ البَوَاعِثِ التِي حَفَزَتْكُمْ عَلَى فِعْلِ مَا فَعَلْتُمُوهُ.

ضَرَبْتُمْ - سَافَرْتُمْ.

السَّلاَمَ - الاسْتِسْلاَمَ أَوْ تَحِيَّةَ الإِسْلاَمِ.

<<  <   >  >>