للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{دِيَارِكُمْ}

(٦٦) - بَعْدَ أنْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى أنَّ الإيمَانَ لاَ يَتِمُّ إلاَ بِتَحْكِيمِ الرَّسُولِ، مَعَ التَّسْلِيمِ وَالانْقِيادِ لِحُكْمِهِ، ذَكَرَ هُنَا قُصُورَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، لِضَعْفِ إيمَانِهِمْ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ، كَمَا أُمِرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِذَلِكَ تَطْهِيراً لأَنْفُسِهِمْ مِنْ عِبَادَةِ العِجْلِ، أَوْ لَوْ أُمِرُوا بِِالهِجْرَةِ مِنْ دِيَارِهِمْ إلى دِيَارٍ أُخْرَى، لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ لأَنَّهُ لاَ يُوافِقُ أَهْوَاءَهُمْ. فَالمُنَافِقُونَ يَعْبُدُونَ اللهَ عَلَى حَرْفٍ، فَإِنْ أَصَابَهُمْ خَيْرٌ اطْمَأنُّوا بِهِ، وَإنْ نَالَهُمْ أَذًى انْقَلَبُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ قَدْ خَسِرُوا الدُّنيا وَالآخِرَةَ. أمَّا صَادِقُو الإيمَانِ فَإِنَّهُمْ يُطِيعُونَ اللهَ فِي كُلِّ مَا أمَرَهُمْ بِهِ، فِي السَّهْلِ وَالصَّعْبِ، وَالمَحْبُوبِ وَالمَكْرُوهِ. وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُؤْمَرُونَ بِهِ، وَتَرَكُوا مَا يَنْهَونَ عَنْهُ، لَكَانَ ذَلِكَ خَيْراً لَهُمْ مِنْ مُخَالَفَةِ الأَوَامِرِ، وَارْتِكَابِ مَا يَنْهَونَ عَنْهُ، وَأَشَدَّ تَصْدِيقاً وَتَثْبِيتاً لَهُمْ فِي إيمَانِهِمْ.

أَشَدَّ تَثْبِيتاً - أَقْرَبَ إلى ثَبَاتِ إِيمَانِهِمْ.

<<  <   >  >>