(١٠) - وَلَوْلاَ تَفَضُّلُ اللهِ تَعَالَى، وَلَوْلاَ رَحْمَتُهُ بِكُمْ يَا أَيُّها المُؤْمِنُونَ فِي قَبُولَ تَوْبَتِكُم فِي كُلِّ آنٍ، وَأَنَّهُ حَكِيمٌ فِي شَرْعِهِ، وَفِعْلِهِ، وَحُكْمِهِ، وَمِنْهَا مَا شَرَعَهُ لَكُمْ مِنَ اللِّعَانِ، لَفَضَحَكُمْ، وَلَعَاجَلَكُمْ بالعُقُوبَةِ. وَلَكِنَّهُ سَتَرَ عَلَيْكُمْ، وَدَفَعَ عَنْكُم الحَدَّ باللِّعَانِ، إِذْ لَوْ لَمْ يَشْرَعْ ذَلِكَ لَوَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ حَدُّ القَذْفِ، مَعَ أَنَّ قَرَائِنَ الأَحْوَالِ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ، لأَنَّهُ لاَ يَفْتَرِي عَلَى زَوْجَتِهِ، لأَنَّهُمَا مُشْتَرِكانِ فِي الفَضِيحَةِ.
وَلَوْ جَعَلَ شَهَادَةَ الرَّجُلِ مُوجِبَةً مُوجِبَةً لِحَدِّ الزِّنى وَحْدَهَا، لَكَثُرَ افْتِراءُ الأَزْوَاجِ عَلى زَوْجَاتِهِمْ لِضَغِينَةٍ قَدْ تَكُونُ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَمِنْ ثُمَّ جَعَلَ شَهَادَاتِ كُلِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعَ الجَزْمِ بِكَذِبِ الآخَرِ تَدْرَأَ عَنْهُ العُقُوبَةَ الدُّنْيَويَّةَ.
(وَرُوي أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ آيَةِ اللِّعَانِ، هُوَ أَنَّهُ لَمَا نَزَلَتْ آيَةُ القَذْفِ (والذينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأَتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهُ إِنَّهُ عَادَ إِلى بَيْتِهِ فَوَجَدَ رَجُلاً عِنَدَ امْرَأَتِهِ، فَسَمِعَ بِأَذِنِهِ، وَرَأَى بِعَيْنِهِ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ، وَجَاءَ إٍِلى الرَّسُولِ فأَعْلَمَهُ بِمَا رَأى وَسَمِعَ، فاعْتَبَرَ الرَّسُولُ ذَلِكَ القَوْلَ قَذْفاً مِنْهُ بِحَقِّ زَوْجَتِهِ، وَطَالَبَهُ بِإِقَامَةِ البَيِّنَةِ أوأَنَّ الرَّسُولَ سَيَأْمُرُ بِحَدِّهِ حَدَّ القَذْفِ. فَقَالَ الرَّجُلُ؟ يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا رَأى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلاً يَنْطِلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ النَبِيُّ يَقُولُ لَهُ: البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ. فَقَالَ الرَّجُلُ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ إِنِي لَصَادِقٌ، وَلِيُنْزلَنَّ اللهُ مَا يُبْرِيءُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ. فَنَزَلَ جِبْريلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِهَذِهِ الآيَاتِ. فَأَرْسَلَ الرَّسُول إِلى الرَّجُلِ وَزَوْجِهِ فَشَهِدَ الرَّجُلُ، والنَّبِيُّ يَقُولُ لَهُ: إِنْ اللهَ لَيَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا لَكَاذِبٌ، ثُمَّ قَامِتِ المَرْأَةُ فَشَهدَتْ، فَلَمَّا كَانَتِ الخَامِسَةُ وَقُفُوهَا، وَقَالُوا لَهَا: إِنَّهَا مُوجَبَةٌ، تُوجِبُ العَذَابَ عَلَيْكِ، فَتَلَكَّأَتْ، حَتَّى ظُنَّ أَنَّها تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لاَ أَفَضَحُ قَوْمِي سَائِرَ اليومِ، فَمَضَتْ وَحَلَفَتْ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute