للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يِا أَيُّهَا} {آمَنُواْ} {شَهَادَةُ} {آخَرَانِ} {فَأَصَابَتْكُم} {الصلاة} {شَهَادَةَ}

(١٠٦) - قِيلَ إنَّ حُكْمَ هَذِهِ الآيَةِ مَنْسُوخٌ. وَلَكِنَّ الأَكْثَرِيَّةَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أنَّهُ مُحْكَمٌ. وَهَذِهِ الآيَةُ تَتَضَمَّنُ حُكْمَ مَنْ تُوُفْيَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ - وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوْلِ الإِسْلاَمِ، وَالنَّاسُ كُفْارٌ، وَالأَرْضُ أَرْضَ حَرْبٍ - وَكَانَ النَّاسُ يَتَوَارَثُونَ بِالوَصِيَّةِ، ثُمَّ نُسِخَتِ الوَصِيَّةُ، وَفُرِضَتِ الفَرَائِضُ، وَعَمِلَ النَّاسُ بِهَا.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ مَا يَلِي:

(خَرَجَ بَدْيِلٌ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ العَاصِ، مَعَ تَاجِرَينِ نَصْرَانِيَّينِ هُمَا تَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَعُدِيُّ بْنُ بَدَاءَ، فِي تِجَارَةٍ إلَى الشَّامِ، وَفِي الطَّرِيقِ اشْتَكَى بَدِيلٌ فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ دَسَّهَا فِي مَتَاعِهِ، وَأَوْصَى إلَيْهِما. فَلَمَّا مَاتَ فَتَحَا مَتَاعَهُ فَأَخَذا مِنْهُ شَيْئاً ثُمَّ حَجَرَاهُ كَمَا كَانَ. وَقَدِمَا عَلَى أهْلِهِ فِي المَدِينَةِ فَدَفَعا مَتَاعَهُ، فَفَتَحَ أهْلُهُ المَتَاعَ فَوَجَدَا كِتَابَهُ وَعَهْدَهُ، وَمَا خَرَجَ بِهِ، وَفَقَدُوا جَاماً مِنْ فِضَّةٍ مُطَعَّمَةٍ بِالذَّهَبِ، فَسَألْوهُمْا عَنْهُ فَقَالا: هَذا الذِي قَبَضْنَا لَهُ، وَدَفَعَ إلينا. فَقَالُوا هذا كِتَابُهُ بِيَدِهِ. قَالاَ: مَا كَتَمْنَا لَهُ شَيْئاً. فَتَرَافَعُوا إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه كوسلم فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فَأمَرَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَحْلِفُوهُمَا، دُبُرَ صَلاةِ العَصْرِ، بِاللهِ الذِي لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ مَا قَبَضْنَا غَيْرَ هَذا وَلاَ كَتَمْنَاهُ. فَحَلَفَا. ثُمَّ وَجَدَ أَهْلُهُ الجَامَ فِي مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُمْ مَنْ وَجَدُوهُ عِنْدَهُ: إنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ عَدِيٍ وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ. فَقَالَ هَذانِ: نَعْمْ، وَلَكِنَّا اشْتَرَينَاهُ مِنْهُ، وَنَسِينا أنْ نَذْكُرَهُ حِينَ حَلَفْنَا، فَكَرِهْنَا أنْ نَكْذِبَ فِي نُفُوسِنا. فَتَرَافَعُوا إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ الآيَةُ التَّالِيَةُ {فَإِنْ عُثِرَ على أَنَّهُمَا استحقآ} فَأَمَرَ النَّبِيُّ رَجُلَينِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ المَيِّتِ أن يَحْلِفَا عَلَى مَا كَتَمَ تِمِيمٌ وَعَدِيٌّ وَغَيَّبَاهُ وَيَسْتَحِقَّانه.

ثُمَّ إنَّ تَمِيماً الدَّارِيَّ أسْلَمَ، وَبَايَعَ النَّبِيِّ، وَكَانَ يَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللهِ، أنَا أخَذْتُ الإِنَاءَ.

(وَيَرَى ابْنُ عَبَّاسٍ أنْ يَحْلِفَ الشَّاهِدانِ، إنْ كَانَا غَيْرَ مُسْلِمَينِ، بَعْدَ صَلاَةِ أهْلِ يِينِهِمَا، لأَنَّهُ لاَ مَعْنَى لِتَحْلِفِهِمَا بَعْدَ صَلاَةِ العَصْرِ، لأنَّهُما لا يُبَالِيَانِ بِصَلاَةِ ظُهْرٍ وَلاَ عَصْرٍ، وَلا يُؤْمِنَانِ بِهَا) .

وَقَدْ أضَافَ اللهُ تَعَالَى الشَّهَادَةَ لِنَفْسِهِ الكَرِيمَةِ تَكْرِيماً لَهَا وَتَعْظِيماً.

الشَّهَادَةُ - قَوْلُ مَنْ أبْصَرَ وَشَاهَدَ بِمَا شَاهَدَ.

ارْتَبْتُمْ - تُمْسِكُونَهُمَا وَتَمْنَعُونَهُمَا مِنَ الهَرَبِ.

ارْتَبْتُمْ - شَكَكْتُمْ.

ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ - سَافَرْتُمْ فِيهَا.

لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً - لاَ نَأخُذُ بِقَسَمِنَا كَذِباً عَرَضاً دُنْيَوِيّاً.

<<  <   >  >>