للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَاحِدَةٍ} {الأنعام} {ثَمَانِيَةَ} {أَزْوَاجٍ} {أُمَّهَاتِكُمْ} {ظُلُمَاتٍ}

(٦) - وَقَدْ خَلَقَكُمْ اللهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَى اخِتْلاَفِ أَلْوَانِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ هِيَ آدَمُ، ثُمَّ خَلَقَ مِنْ آدَمَ حَوّاءَ، ثُمَّ بَثَّ مِنْهُمَا فِي الأَرْضِ رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً، وَخَلَقَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةِ أَزْوَاجٍ هِيَ التِي ذَكَرَهَا فِي سَورَةِ الأَنْعَامِ {مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين} أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ مِنْ كُلِّ صُنْفٍ ذَكَراً وَأُنْثَى، وَقَدَّرَكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ، فَيَكُونُ المَخْلُوقُ أَوَّلاً نُطْفَةً ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً، ثُمَّ يَخْلُقُ لَهُ لَحْماً وِعظَاماً وَأَوْعِيَةً، وَيَنْفَخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَيَصِيرُ خَلْقاً آخَرَ، فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ.

وَتَكُونُ الأَجِنَّةُ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهَا مُحَاطًةً بِأَغْشِيَةٍ ثَلاثَةٍ سَمَّاهَا اللهُ تَعَالَى، ظُلَمَاتٍ، وَهِذَهِ الأَغْشِيَةُ يَعْرِفُهَا الطِّبُّ، وَلاَ تَظْهَرُ إِلاَّ بِالتَّشْرِيحِ الدَّقِيقِ، وَإِنْ بَدَتْ لِلْعَينِ وَكَأَنَّهَا غِشَاءٌ وَاحِدٌ (كَمَا يَقُولُ الدُّكْتُورُ عَبْدُ العَزِيزِ إِسْمَاعِيلُ) ، (وَقِيلَ أَيْضاً إِنَّ هَذِهِ الظُّلُمَاتِ الثَّلاَثَ هِي ظُلْمَةُ الرَّحِمِ، وَظُلْمَةُ المُشَيْمَةِ، وَظُلْمَةُ البَطْنِ) ، وَذَلِكَ الخَالِقُ القَادِرُ عَلَى خَلْقِ الكَوْنِ وَتَدْبِيرِهِ، كَمَا بَيَّنَهُ لَكُمْ هُوَ اللهُ رَبُّكُمْ، لَهُ المُلْكُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، وَلاَ تَنْبَغِي العِبَادَةُ إِلاَّ لَهُ، وَكَيْفَ تُصْرِفُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ تَعَالَى، مَعَ تَوَفِّرِ مُوجِبَاتِهَا وَدَوَاعِيهَا، إِلَى عِبَادَةِ غَيْرِهِ مِمَّا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيءٍ؟

أَنْزَلَ لَكُمْ - أَنْشَأَ وَأَحْدَثَ لأَجْلِكُمْ.

ظُلَمَاتٍ ثَلاَثٍ - ظُلُمَاتِ المُشَيْمَةِ ذَاتِ الأَغْلِفَةِ الثَّلاَثَةِ، أَوْ هِيَ ظُلَمَاتُ الرَّحِمِ، والبَطْنِ، وَالمُشَيْمَةِ.

فَأَنَّى تُصْرَفُونَ - فَكَيْفَ تُصْرَفُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ إِلَى مَا سِوَاهُ.

<<  <   >  >>