للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الكتاب} {الكتاب} {وَاحِدَةً} {آتَاكُم} {الخَيْرَاتِ}

(٤٨) - وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى القُرْآنَ (الكِتَابَ) إلَيكَ يَا مُحَمَّدُ بِالحَقِّ وَالصِّدْقِ الذِي لاَ رَيْبَ فِيهِ، وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، مُصَدَّقاً لِلْكُتُبِ السَّابِقَةِ المُتَضَمِّنَةِ ذِكْرَهُ وَمَدْحَهُ، وَالإِشَارَةَ إلَى أَنَّهُ مُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ نُزُولَهُ كَمَا أَخْبَرْتَ بِهِ مِمَّا زَادَهَا صِدْقاً عِنْدَ حَامِلِيهَا مِنْ ذَوِي البَصَائِرِ، الذِينَ اتَّبَعُوا أَمْرَ اللهِ وَشَرْعَهُ، وَصَدَّقُوا رُسُلَهُ.

وَالقُرْآنُ جَاءَ أَمِيناً عَلَى الكُتُبِ السَّابِقَةِ، وَشَاهِداً عَلَيْهَا بِالحَقِّ وَالصِّحَّةِ بِمَا بَيَّنَهُ مِنْ حَقِيقَةِ أَمْرِهَا (مُهَيْمِناً عَلَيْهِ) ، وَمُبَيِّناً حَالَ مَنْ خُوطِبُوا بِهَا: مِنْ نِسْيانِ حَظٍّ عَظيمٍ مِنْهَا، وَتَحْرِيفِ كَثيرٍ مِمَّا بَقِيَ، أَوْ تَأْوِيلِهِ، وَالإِعْرَاضِ عَنِ العَمَلِ بِهِ.

وَبِمَا أنَّ الٌرْآنَ جَاءَ رَقِيباً وَأمِيناً وَشَاهِداً (مُهَيْمِناً) عَلَى الكُتُبِ السَّابِقَةِ، التِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى أنْبِيَائِهِ، فَاحْكُمْ يَا مُحَمَّدُ بَيْنَ أهْلِ الكِتَابِ - إذا تَحَاكَمُوا إلَيكَ - بِمَا أَنْزَلَ اللهُ إليكَ مِنَ الأَحْكَامِ، دُونَ مَا أنْزَلَهُ اللهُ إلَيْهِمْ، لأنَّ شَرِيعَتَكَ نَاسِخَةٌ لِشَرِيعَتِهِمْ، وَلاَ تَتَّبِعَ أهْوَاءَهُمْ وَرَغَبَاتِهِمْ فِي الحُكْمِ لَهُمْ بِمَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ، وَيَخفُّ احْتِمَالُهُ.

ثُمَّ يَذْكُرُ اللهُ تَعَالَى أنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ أمَّةٍ مِنَ النَّاسِ شَرِيعَةً أوْجَبَ عَلَيهْمِ إقَامَةَ أَحْكَامِهَا، وَمِنْهَاجِاً وَطَرِيقاً فَرَضَ عَلَيهِمْ سُلُوكَهُ لِتَزْكِيَةِ نُفُوسِهِمْ (فَأصْلُ الدِّينِ وَاحِدٌ، وَلَكِنَّ الشَّرَائِعَ العَمَلِيَّةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ أحْوَالِ البَشَرِ، وَطِبَاعِهِمْ وَاسْتِعْدَادِهِمْ) .

وَلَوْ شَاءَ اللهُ أنْ يَجْعَلَ النَّاسَ أمَّةً وَاحدَةً، ذَاتَ شَرِيعَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِنْهَاجٍ وَاحِدٍ، يَسِيرُونَ عَلَيْهِ، لَفَعَلَ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ، لِيَخْتَبِرَهُمْ فِيمَا شَرَعَ لَهُمْ، وَلِيُثِيبَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ، وَيُعَاقِبَهُمْ عَلَى مَعْصِيَتِهِ.

وَيَحُثُّ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ عَلَى المُبَادَرَةِ وَالإِسْرَاعِ إلَى طَاعَةِ اللهِ، وَاتِّبَاعِ شَرْعِهِ الذِي جَعَلَهُ نَاسِخاً مَا قَبْلَهُ مِنَ الشَرَائِعِ، وَيُخْبِرُهُمْ أنَّ إلَيهِ مَرْجِعَهُمْ وَمَصِيرَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُخْبِرُهُمْ بِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ، وَيَجْزِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ.

المِنْهَاجُ - السُّنَّةُ وَالسَّبِيلُ.

الابْتِلاءُ - الاخْتِبَارُ.

مُهَيْمناً - أَمِيناً عَلَى الكُتُبِ السَّابِقَةِ وَشَاهِداً عَلَيهَا.

اسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ - ابْتَدِرُوا إلَيهَا وَسَارِعُوا.

<<  <   >  >>