{عَاهَدْتُمْ}
(١) - كَانَتْ هَذِهِ السُورَةُ مِنْ أَوَاخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، وَلَمْ يَكْتُبِ الصَحَابَةُ البَسْمَلَةَ فِي أَوَّلِها، اقْتِدَاءً بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لأنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ إِنْ كَانَتْ تَابِعَةً لِسُورَةِ الأَنْفَالِ أَوْ أَنَّهَا سُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.
وَأَوَّلُ هَذِهِ السُورَةِ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لمَّا رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أبَا بَكْرٍ أَمِيراً لِلحَجِّ، وَأتْبَعَهُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِيَقْرأ عَلَى النَّاسِ سُورَةَ التَّوْبَةِ، وَأَنْ يَطْلُبَ مِنَ المُشْرِكِينَ أَنْ لاَ يَحُجُّوا بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا.
وَيُعلِمُ تَعَالَى المُسْلِمِينَ أَنَّهُ وَرَسُولَهُ بَرِيئَانِ وَمُتَحَرِّرانِ مِنَ العُهُودِ، التِي التَزَمَ بِهَا المُسْلِمُونَ مَعَ المُشْرِكِينَ.
وَالرَّأيُ الرَّاجِحُ أَنَّ هَذِهِ البَرَاءَةَ هِيَ مِنَ العُهُودِ المُطْلَقَةِ غَيْرِ المُوَقَّتَةِ بِمُدَّةٍ مُعَينَةٍ، وَمِنْ عُهُودِ أَهْلِ العُهُودِ الذِينَ ظَاهَرُوا عَلَى الرَّسُولِ، وَنَقَضُوا عَهْدَهُمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ، لأنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِيمَا بَعْدُ، إِنَّ الذِينَ تَقُومُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ المُسْلِمِينَ عُهُودٌ مُوَقَّتَةٌ، ذَاتِ أَجَلٍ مُعَيَّن، يَجِبُ أَنْ يُتِمَّ المُسْلِمُونَ لَهُمْ عَهْدَهُمْ إلَى مُدَّتِهِمْ، إِذَا لَمْ يَكُونُوا قَدْ نَقَضُوا العَهْدَ، وَظَاهَرُوا عَلَى المُسْلِمِينَ، وَمَنْ كَانَ عَهْدَهُ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَيُكْمَلُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ - تَبَرَّؤٌ وَتَبَاعُدٌ وَاصِلٌ مِنَ اللهِ.
عَاهَدْتُم - فَنَقَضُوا العَهْدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute