{الشيطان}
(٨٣) - يُنْكِرُ اللهُ تَعَالَى عَلى مَنْ يُبَادِرُ إلى الأُمُورِ قَبْلَ أنْ يَتَحَقَقُ مِنْهَا، فَيُخْبِرُ بِهَا وَيُفْشِيهَا، وَيَنْشُرُهَا، وَقَدْ لاَ يَكُونُ لَهَا أَسَاسٌ مِنَ الصِّحَّةِ، وَيَكُونُ مِنْ شَأْنِهَا أنْ تُحْدِثَ البَلْبَلَةَ فِي الجَمَاعَةِ، وَقَدْ تَكُونُ صَحِيْحَةٌ وَلَكِنْ يَكُونُ فِي إفْشَائِهَا وَالإِعْلاَنِ عَنْهَا مَضَرَّةٌ بِالأمَّةِ، يُفِيدُ مِنْهَا أعْدَاؤُها.
وَقِيلَ إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ أشِيعَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ زَوْجَاتِهِ فَجَاءَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، وَرَأى النَّاسَ فِي المَسْجِدِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ طَلاقِ رَسُولِ اللهِ أَزْوَاجَهُ، فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَيهِ، فَسَألَهُ إنْ كَانَ طَلَّقَ نِسَاءَهُ، فَقَالَ: لاَ. فَخَرَجَ عُمَرُ وَقَالَ للنَّاسِ إنَّ الرَّسُولَ لَمْ يُطَلِّقْ نِسَاءَهُ.
وَقِيلَ أَيْضاً: إِنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ الأَحْزَابِ إذِ اشْتَدَّ الأَمْرُ بِالمُسْلِمِينَ، وَجَاءَ مَنْ يُخْبِرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ يَهُودَ بَنِي قُرَيْظَةَ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ مَعَ المُسْلِمِينَ، فَأَرْسَلَ الرَّسُولُ إِلَيْهِمْ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِهِ يَسْتَكْشِفُونَ خَبَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَقاَلَ لَهُمْ إنْ وَجَدْتُمُ الخَبَرَ صَحِيحاً فَالْحنُوا إِلَينَا بِإِشَارَةٍ لِكَيْلاَ يَفُتّ ذَلِكَ فِي عَضُدِ المُسْلِمِينَ، وَيَزِيدَ فِي اضْطِرَابِهِمْ، فَعَادَ الوَفْدُ وَأخْبَرَ النَّبِيَّ بِنَقْضِهِمُ العَهْدَ، وَانْتَشَرَ خَبَرُ نَقْضِ بَنِي قُرَيْظَةَ العَهْدَ، وَانْضِمَامِهِمْ إلى الكُفَّارِ، وَتَنَاقَلَهُ المُسْلِمُونَ فَزَادَ ذَلِكَ فِي اضْطِرابِهِمْ. وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: لَوْ أنَّ هَؤُلاءِ رَدُّوا مَا سَمِعُوا إلى الرَّسُولِ، وَإلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، الذِينَ يَسْتَطِيعُونَ تَقْدِيرَ الأمُورِ، وَمَعْرِفَةَ مَا يَجُوزُ نَشْرُهُ وَإذَاعُتُهُ، وَمَا لاَ يَجُوزُ، لَقَدَّرُوهُ، وَلَرأوا إنْ كَانَ يَحْسُنُ نَشْرُهُ وَإذَاعَتُهُ أوْ لا.
وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ وَرَحْمَتِهِ بِكُمْ - إذْ هَدَاكُمْ إلى طَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ ظَاهِراً وَبَاطِناً، وَرَدَّ الأُمُورَ العَامَّةَ إلى الرَّسُولِ، وَإلَى أُوْلِي الأَمْرِ - لاَتَّبَعْتُمْ وَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ، كَمَا اتَّبَعَتْها تِلَكَ الطَّائِفَةُ مِنَ المُنَافِقِينَ، التِي تَقُولُ لِلرَّسُولِ: طَاعَةٌ! ثُمَّ تُبَيِّتُ فِعْلَ غَيْرِ مَا قَالَتْ، وَالتِي تُذْيعُ أَمْرَ الأَمْنِ وَالخَوْفِ، وَتُفْسِدُ سِيَاسَةَ الأُمَّةِ، وَلأخَذْتُمْ بِآرَاءِ المُنَافِقِينَ، فِيمَا تَأْتُونَ، وَفِيمَا تَذَرُونَ، وَلَمَا اهْتَدى إلى الصَّوَابِ مِنْكُمْ إلاَّ قَلِيلُونَ.
أَذَاعُوا بِهِ - أَفْشَوْهُ وَأَشَاعُوهُ.
يَسْتَنْبِطُونَهُ - يَسْتَخْرِجُونَ تَدْبِيرَهُ أَو عِلْمَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute