{طُغْيَانِهِمْ}
(١١) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ حِلْمِهِ وَلُطْفِهِ بِعِبَادِهِ، وَيَقُولُ إِنَّهُ لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ إِذَا دَعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَوْلاَدِهِمْ بِالشَّرِّ فِي حَاَل ضَجَرِهِمْ وَغَضَبِهِمْ، لأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لاَ يُرِيدُونَ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ لُطْفاً مِنْهُ، وَرَحْمَةً بِهِمْ.
أَمَّا إِذَا دَعَوا لأَنْفُسِهِمْ وَأَوْلاَدِهِمْ بِالخَيْرِ وَالبَرَكَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ. وَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَوِ اسْتَجَابَ لَهُمْ فِي كُلِّ دَعْوَةٍ تَجْرِي عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ لأَهْلَكَهُمْ. وَيَتْرُكُ اللهُ تَعَالَى الذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وَلاَ يَرْجُونَ لِقَاءَهُ فِي الآخِرَةِ، سَادِرِينَ فِي غَيِّهِمْ، مُسْتَمِرِّينَ فِي طُغْيَانِهِمْ، مُتَحَيِّرِينَ لاَ يَهْتَدُونَ إِلَى الخُرُوجِ مِمَّا هُمْ فِيهِ، حَتَّى يَجِيءَ اليَوْمُ الذِي وَعَدَهُمُ اللهُ بِهِ.
(وَقَدْ يَكُونُ المَعْنَى: لَوْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُعَجِّلُ لِلنَّاسِ إِجَابَةَ دُعَائِهِمْ وَاسْتِعْجَالِهِمْ فِي الشَّرِّ فِيمَا فِيهِ مَضَرَّتُهُمْ، فِي النَّفْسِ وَالمَالِ وَالوَلَدِ - كَمَا اسْتَعْجَلَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ رَسُولَ اللهِ بِالعَذَابِ الذِي أَنْذَرَهُمْ بِهِ - كَاسْتِعْجَالِهِمْ بِالخَيْرِ الذِي يَطْلُبُونَهُ بِدُعَائِهِمْ اللهَ، لَقَضَى إِلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ قَبْلَ وَقْتِهِ الطَّبِيعِيِّ المُحَدَّدِ لَهُمْ، كَمَا أَهْلَكَ الذِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ، وَاسْتَعْجَلُوا بِالعَذَابِ مِنْ قَبْلِهِمْ) .
فِي طُغْيَانِهِمْ - فِي تَجَاوُزِهِم الحَدَّ فِي الكُفْرِ.
يَعْمَهُونَ - يَعْمُونَ عَنِ الرُّشْدِ، أَوْ يَتَحَيَّرُونَ فِي الضَّلاَلَةِ.
لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ - لأَهْلَكَهُمْ وَأَبَادَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute