{قَاتِلُواْ} {الآخر} {الكتاب} {صَاغِرُونَ}
(٢٩) - بَعْدَ أَنِ اسْتَقَامَتِ الأمُورُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ، بِدُخُولِ النَّاسِ فِي الإِسْلاَمِ، أمَرَ اللهُ تَعَالَى بِقِتَالِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ لِلْهِجْرَةِ، لِذَلِكَ تَجَهَّزَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم لِقِتَالِ الرُّومِ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى ذَلِكَ، وَأَظْهَرَهُ لَهُمْ، وَنَدَبَ المُؤْمِنِينَ إِلَى الجِهَادِ، وَتَخَلَّفَ بَعْضُ المُنَافِقِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ العَامُ عَامَ جَدْبٍ، وَالْوَقْتُ فِي شِدَّةِ الحَرِّ، وَخَرَجَ الرَّسُولُ وَصَحْبُهُ إِلَى تَبُوكَ، فَنَزَلَ بِهَا، وَأَقَامَ فِيهَا قُرَابَةَ عِشْرِينَ يَوْماً، ثُمَّ رَجَعَ لِضِيقِ الحَالِ، وَضَعْفِ النَّاسِ.
فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالإِسْلاَمِ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَرَضَ اللهُ عَلَى المُسْلِمِينَ قِتَالَهُ، حَتَّى يُعْطِيَ الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ مَقْهُورَةٍ مَغْلُوبَةٍ، وَهُوَ خَاضِعٌ صَاغِرٌ.
وَيَجِبُ قِتَالُ أَهْلِ الكِتَابِ إِذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِمْ أَرْبَعُ صِفَاتٍ هِيَ العِلَّةُ فِي عَدَاوَتِهِمْ لِلإِسْلاَمِ وَالمُسْلِمِينَ:
- أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ، لأَنَّهُمْ هَدَمُوا التَّوْحِيدَ فَاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ مُشَرِّعِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَدَ المَسِيحَ وَعُزَيْراً.
- أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاليَوْمِ الآخِرِ، إِذْ يَقُولُونَ إِنَّ الحَيَاةَ الآخِرَةَ هِيَ حَيَاةٌ رُوحَانِيَّةٌ يَكُونُ فِيهَا النَّاسُ كَالمَلائِكَةِ
- أَنَّهُمْ لاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولَهُ، وَلاَ يَلْتَزِمُونَ العَمَلَ بِمَا حَرَّمَ عَلَيهِمْ.
- أَنَّهُمْ لاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ الذِي أَوْحَاهُ اللهُ إِلَى أَنْبِيَائِهِ، وَإِنَّمَا يَتَّبِعُونَ دِيناً وَضَعَهُ لَهُمْ أَحْبَارُهُمْ وَأَسْاقِفَتُهُمْ.
يُعْطُوا الجِزْيَةَ - الخَرَاجَ المُقَدَّرَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ.
عَنْ يَدٍ - عَنِ انْقِيَادٍ وَخُضُوعٍ، أَوْ مِنْ قَهْرٍ وَقُوَّةٍ.
صَاغِرُونَ - مُنْقَادُونَ لِحُكْمِ الإِسْلاَمِ وَهُمْ أَذِلاَّءُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute