{مِيثَاقِهِ} {أولئك} {الخاسرون}
(٢٧) - اخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ حَوْلَ مَعْنَى العَهْدِ الذِي وُصِفَ هؤُلاَءِ الفَاسِقُونَ بِنَقْضِهِ:
- فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ وَصِيَّةُ اللهِ إِلَى الخَلْقِ بِأَنْ يَعْمَلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ وَبِأَنْ يَنْتَهُوا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي كُتُبِهِ وَعَلَى لِسَانِ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ الكِرَامِ فَتَرْكُهُمُ العَمَلَ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ، وَالانْتِهَاءُ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ هُوَ نَقْضٌ لِلعَهْدِ.
-وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّ الأَمْرَ يَتَعَلَّقُ بِأَهْلِ الكِتَابِ وَالمُنَافِقِينَ مِنْهُمْ، وَقَدْ أَخَذَ اللهُ عَلَيْهِم العَهْدَ، فِي التَّوراةِ بِأَنْ يَعْمَلُوا بِها، وَبِأَنْ يَتَّبِعُوا مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم حِينَ يَبْعَثُهُ اللهُ تَعَالى، وَبِأَنْ يُصَدِّقُوا بِرِسَالَتِهِ وَكِتَابِهِ، وَقَدْ تَرَكُوا العَمَلَ بِمَا جَاءَ فِي التَّورَاةِ، وَجَحَدُوا رِسَالَةَ مُحَمَّدٍ وَنُبُوَّتَهُ، بَعْدَ مَا عَرَفُوهُ مِنْ حَقِيقَتِها، وَأَنْكَرُوهَأ وَكَتَمٌوا عَنِ النَّاسِ ذلِكَ لِكَيْلا يَتَّبِعُوهٌ، فَكَانَ ذلِكَ مِنْهُمْ نَقْضاً لِلْعَهْدِ.
- وَقَال آخَرُونَ إِنَّ الآيةَ تَعْنِي جَمِيعَ أَهْلِ الكُفْرِ والشِّرْكِ والنِّفَاقِ وَقَدْ نَصَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُمُ الأَدِلَّةَ في الأَنْفُسِ وَالآفَاقِ عَلَى وُجُودِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَربُوبِيَّتِهِ فَكَفَرُوا بِاللهِ، وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ وَكُتُبَهُ فَكَانَ ذلِكَ مِنْهُمْ نَقْضاً لِلْعَهْدِ.
وَقَالَ آخَرُونَ إنَّ اللهَ تَعَالَى عَهِدَ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ عَهْدَ فِطْرَةٍ بِأَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَبِوُجُودِهِ، وَقَدْ وَثَّقَ عَهْدَ الفِطْرَةِ بِأَنْ جَعَلَ العُقُولَ قَابِلَةً لإِدْرَاكِ السُّنَنِ الإِلهِيَّةِ، ثُمَّ أَقَامَ لَهُمُ الأَدِلَّةَ والبَرَاهِينَ عَلَى وُجُودِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute