(١١٠) - يُذَكِّرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ أَرْسَلَ رُسُلاً قَبْلَهُ فَاقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ تَعَالَى أَنْ يَتَرَاخَى نَصْرُ اللهِ عَنِ الرُّسُلِ، وَأَنْ يَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ التَّكْذِيبِ مِنْ قَوْمِهِمْ، حَتَّى إِذَا زُلْزِلَتِ النُّفُوسُ، وَاسْتَشْعَرَتِ القُنُوطَ وَاليَأْسَ مِنَ النَّجَاةِ وَالنَّصْرِ، فَحِينَئِذٍ يَأْتِي نَصْرُ اللهِ، فَيُنَجِّي مَنْ يَشَاءُ اللهُ إِنْجَاءَهُ، وَيُهْلِكُ مَنْ يَشَاءُ إِهْلاَكَهُ، وَلاَ يَرُدُّ أَحَدٌ بَأْسَ اللهِ وَعِقَابَهُ عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى (كُذِبُوا) قَرَاءَتَانِ:
الأُولَى - (كُذِّبُوا) - بِضَمِّ الكَافِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ - وَكَذَلِكَ كَانَتْ تَقْرَؤُهَا عَائِشَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا - وَمَعْنَاهَا: إِنَّ الرُّسُلَ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ، وَلَنْ يُؤْمِنُوا لَهُمْ، وَيَئِسُوا مِنْ قَوْمِهِم الكَافِرِينَ.
وَالثَّانِيَةُ - (كُذِبُوا) - بِضَمِ الكَافِ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ - وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا ابْنُ عَبَّاسٍ - وَمَعْنَاهَا: إِنَّهُ لَمَّا يَئِسَ الرُّسُلُ مِنْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَهُمْ قَوْمُهُمْ، وَظَنَّ قَوْمُهُمْ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوهُمْ، جَاءَ نَصْرُ اللهِ فَأَيَّدَ الرُّسُلَ.
فَفِي القِرَاءَةِ الأُوْلَى: يَشْعُرُ الرُّسُلُ أَنَّهُمْ كُذِّبُوا مِنْ قِبَلِ أَقْوَامِهِمْ.
وَفِي القِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ: يُدْرِكُ القَوْمُ أَنَّ الرُّسُلَ كَذَبُوهُمْ بِمَا جَاؤُوهُمْ بِهِ.
اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ - يَئِسُوا مِنَ النَّصْرِ لِتَطَاوُلِ الزَّمَنِ.
ظَنُّوا - تَوَهَّمَ الرُّسُلُ وَحَدَّثَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ.
قَدْ كُذِبُوا - قَدْ كَذَّبَهُمْ رَجَاؤُهُم النَّصْرَ فِي الدُّنْيا.
بَأْسُنَا - عَذَابُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute