وأخرج أبو يعلى وابن السني عن أبي هريرة قال: خرجت أنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويدي في يده فأتى على رجل رث الهيئة فقال: أي فلان ما بلغ بك ما أرى قال: السقم والضر قال صلّى الله عليه وسلّم: ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر توكلت على الحي الذي لا يموت الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا الآية فأتى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد حسنت حالته فقال: مهيم. فقال: لم أزل أقول الكلمات التي علمتني.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الفرج والبيهقي في الأسماء والصفات عن إسماعيل بن أبي فديك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما كربني أمر إلا مثل لي جبريل عليه السلام فقال: يا محمد قل: توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا»
إلى آخر الآية،
وأخرج ابن السني والديلمي عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعليها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لها إذا أخذت مضجعك فقولي:«الحمد لله الكافي سبحان الله الأعلى حسبي الله وكفى ما شاء الله قضى سمع الله لمن دعا ليس من الله ملجأ ولا وراء الله ملتجى توكلت على ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا- إلى وكبره تكبيرا ثم قال- صلّى الله عليه وسلّم: ما من مسلم يقرأها عند منامه ثم ينام وسط الشياطين والهوام فتضره»
هذا وما ألطف المناسبة بين ابتداء هذه السورة، وهذا الختام وليس ذلك بدعا في كلام اللطيف العلام «ومن باب الإشارة في الآيات» وإن كادوا ليفتنونك إلى آخره تنبيه لحبيبه صلّى الله عليه وسلّم عن الوقوع فيما يخل بحفظ شرائط المحبة وفيه إشارة إلى إيصاله إلى مقام التمكين أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ الآية، ذكر أن الصلاة على خمسة أقسام صلاة المواصلة والمناغاة في مقام الخفي وصلاة المشاهدة في مقام الروح وصلاة المناجاة في مقام السر وصلاة الحضور في مقام القلب وصلاة المطاوعة والانقياد في مقام النفس، فدلوك الشمس إشارة إلى زوال شمس الوحدة عن الاستواء على وجود العبد بالفناء المحض فإنه لا صلاة في حال الاستواء إذ لا وجود للعبد حينئذ ولا شعور له بنفسه، وإنما تجب بالزوال وحدوث ظل وجود العبد سواء عند الاحتجاب بالخلق وهو حالة الفرق قبل الجمع أو عند البقاء وهو حالة الفرق بعد الجمع، وغسق الليل إشارة إلى غسق ليل النفس وقرآن الفجر إشارة إلى قرآن فجر القلب، وأدل الصلوات وألطفها صلاة المواصلة وأفضلها صلاة الشهود المشار إليها بصلاة العصر وأخفها صلاة السر المشار إليها بصلاة المغرب وأشدها تثبيتا للنفس صلاة النفس المشار إليها بصلاة العشاء وأزجرها للشيطان صلاة الحضور المشار إليها بالفجر إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً أي تشهده ملائكة الليل والنهار وهذا إشارة إلى نزول صفات القلب وأنوارها وذهاب صفات النفس وزوالها، وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ أي زيادة على الفرائض الخمس خاصة بك قيل لكونه علامة مقام النفس فيجب تخصيصه بزيادة الطاعة لزيادة احتياج هذا المقام إلى الصلاة بالنسبة إلى سائر المقامات، وقيل إنما خص صلّى الله عليه وسلّم بالتهجد لأن الليل وقت خلوة المحب بالحبيب وهو عليه الصلاة والسلام الحبيب الأعظم، والخليل المكرم عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً وهو مقام إلحاق الناقص بالكامل والكامل بالأكمل وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي حضرة الوحدة في عين الجمع مُدْخَلَ صِدْقٍ إدخالا مرضيا بلا آفة زيغ البصر إلى الالتفات إلى الغير أصلا وَأَخْرِجْنِي إلى فضاء الكثرة عند الرجوع إلى التفصيل بالوجود الموهوب الحقاني مُخْرَجَ صِدْقٍ سالما من آفة التلوين والانحراف عن جادة الاستقامة وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً حجة ناصرة بالتثبيت والتمكين وَقُلْ إذا زالت نقطة الغين عن العين جاءَ الْحَقُّ أي ظهر الوجود الثابت وهو الوجود الواجبي وَزَهَقَ الْباطِلُ وهو الوجود الإمكاني،