للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتعبير عنه بأنه عند الله تعالى دون ما ادخر لذلك، وقوله تعالى: لِلَّذِينَ آمَنُوا إما متعلق بأبقى أو اللام لبيان من له هذه النعمة فهو خبر مبتدأ محذوف أي ذلك للذين آمنوا.

وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ لا على غيره تعالى أصلا،

وعن علي كرم الله تعالى وجهه اجتمع لأبي بكر رضي الله تعالى عنه مال فتصدق به كله في سبيل الله تعالى فلامه المسلمون وخطأه الكافرون فنزلت

والموصول في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ مع ما بعد إما عطف على الموصول الأول أو هو مدح مرفوع على الخبرية لمبتدأ محذوف أو منصوب بمقدر كأعني أو أمدح، والواو اعتراضية كما ذكره الرضي، وغفل أبو البقاء عن الواو فلم يذكر العطف وذكر بدله البدل، وكبائر الإثم ما رتب عليه الوعيد أو ما يوجب الحد أو كل ما نهى الله تعالى عنه والفواحش ما فحش وعظم قبحه منها، وقيل: المراد بالكبائر ما يتعلق بالبدع واستخرج الشبهات وبالفواحش ما يتعلق بالقوة الشهوانية وبقوله تعالى: وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ما يتعلق بالقوة الغضبية وهو كما ترى، والمراد بالإثم الجنس وإلا لقيل الآثام، وإِذا ظرف ليغفرون وهُمْ مبتدأ لا تأكيد لضمير غضبوا وجوزه في البحر وجملة يغفرون خبره وتقديمه لافادة الاختصاص لأنه فاعل معنوي، واختصاصهم باعتبار أنهم أحقاء بذلك دون غيرهم فإن المغفرة حال الغضب عزيزة المثال، وفي الآية إيماء إلى أنهم يغفرون قبل الاستغفار، وقيل هُمْ مرفوع بفعل يفسره يَغْفِرُونَ ولما حذف انفصل الضمير وليس بشيء، وجعل أبو البقاء إِذا شرطية وجملة هُمْ يَغْفِرُونَ جوابا لها، وتعقبه أبو حيان بأنه يلزم الفاء حينئذ ولا يجوز حذفها إلا في الشعر، وتقدم لك آنفا ما ينفعك تذكره فتذكر، وقرأ حمزة والكسائي «كبير الإثم» بالإفراد لإرادة الجنس أو الفرد الكامل منه وهو الشرك، وروي تفسيره به عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ولا يلزم التكرار لأن المراد الاستمرار والدوام وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ قيل: نزلت في الأنصار دعاهم الله تعالى على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم للإيمان به وطاعته سبحانه فاستجابوا له فأثنى عليهم جلّ وعلا بما أثنى، وعليه فهو من ذكر الخاص بعد العام لبيان شرفه لايمانهم دون تردد وتلعثم، والآية إن كانت مدنية فالأمر ظاهر وإذا كانت مكية فالمراد بالأنصار من آمن بالمدينة قبل الهجرة أو المراد بهم أصحاب العقبة وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ أي ذو شورى ومراجعة في الآراء بينهم بناء على أن الشورى مصدر كالبشرى فلا يصح الإخبار لأن الأمر متشاور فيه لا مشاورة إلا إذا قصد المبالغة، وأورد أنه يقال من غير تأويل شأني الكرم والأمر هنا بمعنى الشأن. نعم إذا حمل على القضايا المتشاور فيها احتاج إلى التأويل أو قصد المبالغة، وقيل: إن إضافة المصدر للعموم فلا يصح الإخبار إلا بالتأويل ورد بأن المراد أمرهم فيما يتشاور فيه لا جميع أمورهم وفيه نظر، وقال الراغب: المشورة استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم: شرت العسل وأشرته استخرجته والشورى الأمر الذي يتشاور فيه انتهى، والمشهور كونه مصدرا، وجيء بالجملة اسمية مع أن المعطوف عليه جملة فعلية للدلالة على أن التشاور كان حالهم المستمرة قبل الإسلام وبعده، وفي الآية مدح للتشاور لا سيما على القول بأن فيها الإخبار بالمصدر،

وقد أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: من أراد أمرا فشاور فيه وقضى هدي لأرشد الأمور

، وأخرج عبد بن حميد. والبخاري في الأدب. وابن المنذر عن الحسن قال: ما تشاور قوم قط إلا هدوا وأرشد أمرهم ثم تلا وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ، وقد كانت الشورى بين النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه فيما يتعلق بمصالح الحروب، وكذا بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم بعده عليه الصلاة والسلام، وكانت بينهم أيضا في الأحكام كقتال أهل الردة وميراث الجد وعدد حد الخمر وغير ذلك، والمراد ما لم يكن لهم فيه نص شرعي وإلا فالشورى لا معنى لها وكيف يليق بالمسلم العدول عن حكم الله عزّ وجلّ إلى آراء

<<  <  ج: ص:  >  >>