وحاجته، حيث وجد العربيّ المسلم في التراث خبزه وريّه، عندما يشح الخبز والماء..
يموت أحدنا صابرا جائعا ظمان ولا يقبل عن تراثه بديلا.
وكانت آخر معركة في حرب التاريخ والاثار، معركة الصهيونية مع فلسطين حيث زيّف الصّهيونيون التاريخ، واستطاعوا أن يوهموا العالم- مدة من الزمن- أنهم أصحاب الحقّ في أرض فلسطين، ولذلك كانت الجولة الأولى في المعركة إلى جانبهم لخلوّ ساح المعركة التاريخية من المقاومة التي تصدّ الباطل وتزيل العماية عن العيون، وسوف نكسب المعركة في الجولة التالية- إن شاء الله- عندما تسطع شمس الحقيقة في سماء العالم، ونعود إلى تراثنا، ونتمسك بماثر أجدادنا الأفذاذ. ولكننا قبل أن نقنع العالم بصدق أدلتنا، علينا أولا، أن ننشر هذا اليقين بين شعبنا، ومع نشر هذا اليقين، لا بدّ من بثّ التعلق الروحي بهذا التراب المقدس.. نعم.. التراب المقدس، لأنه رمز أمجادنا، والناطق بالملاحم عن دورنا الحضاري.. في صحرائنا حياة وارفة الظلال لأنها تضم أجداث أبطالنا، وعلى قمم جبالنا مجد، لأنها كانت تطل من عل على مرابع الخلد وفي كرومنا الخضر بطولة، لأننا ورثناها عن صناديد.
ومعالم السيرة النبوية العطرة، عنوان حضارة سادت وما بادت، ولن تبيد، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. هذه المعالم، التي تعلق بقلوب ملايين البشر، ويشتد الشوق إليها مهما باعدت المسافات بينها وبين محبيها، ولا يفتر الحنين لرؤيتها على مرّ الأيام.. فكم من عين تدمع وكم من قلب يهفو عند ما يطرق سمعه، جبل سلع، ووادي العقيق، ومنى وعرفات، والصّفا، والمروة، والمأزمان، وكلّ معلم من معالم الحجاز قال أحدهم:
كفى حزنا أني ببغداد نازل وقلبي بأكناف الحجاز رهين
إذا عنّ ذكر للحجاز استفزني إلى من بأكناف الحجاز حنين
فو الله ما فارقتهم قاليا لهم ولكنّ ما يقضى فسوف يكون
وقال آخر:
إذا برقت نحو الحجاز سحابة دعا الشوق مني برقها المتيامن
فلم أتركنها رغبة عن بلادها ولكنه ما قدّر الله كائن