القدس قدسهم، وأن مسجدنا الأقصى بنيناه فوق هيكلهم أو على أنقاض هيكلهم..
ومن البديهيّ أن نقول: إن الخيط الذي يربط عواطف المسلمين بالقضية الفلسطينية، هو الجواب عن هذا السؤال، فإذا أقنع الأعداء المسلمين بأن المسجد الأقصى، بناء حديث اغتصب المسلمون أرضه، وهى ذلك الخيط الرابط بين المسلمين والقضية الفلسطينية، ثم لا يلبث أن ينقطع..
ومن العجيب، أن كتبنا التاريخية في العصر الحديث، بل ومن العجيب أن المصادر الفلسطينية التي وضعت لخدمة القضية، توافق هوى الأعداء، وتنسب بناء المسجد الأقصى إلى من لم يبنه، وتختصر عشرات الالاف من السنين، لتنسب البناء إلى خليفة ليس له في قلوب المسلمين مكانة، إن لم يكن ذكره مقرونا بالتشويه التاريخي.. والجواب عن السؤال هو ما سيأتي، مدعوما بالأدلة التي لا تنقص، لأن أعلى درجات التاريخ عندنا (ما قال الله، وقال رسوله) وما قطع به الوحي لا يستطيع أن ينقضه مؤرخو الأرض ولو اجتمعوا. وقد يقول قائل: إن الأدلة المأخوذة من القرآن والحديث ومصادرنا التاريخية، لا يسلّم بها إلا المسلمون، فكيف نقنع مناصري أعدائنا بحقنا، وهم لا يؤمنون بأدلتنا؟ والجواب عن هذا السؤال: إذا آمنا نحن بحقنا لا نبالي بعد ذلك آمن الناس أو كفروا، فنحن نريد أولا أن نؤكد هذا الحقّ في نفوسنا، ونفوس المسلمين، حتى لا يزعزع إيمانهم ترّهات الأعداء وأكاذيبهم، فما وهنت عزائم المسلمين في الدفاع والنصرة إلا لضعف العقيدة وتوهين الإيمان بالحقّ، لما عرض عليهم من التاريخ المبتور.. ويوم يكون لنا الإيمان القوي يكون لنا الصبر والثبات، اللذان يجبران العالم على الاعتراف بنا، لأن الإيمان هو السلاح الأقوى في ميدان المعارك، وما ثبات أهلنا في انتفاضتهم إلا لقوة إيمانهم بحقهم.
[تمهيد في صفة المسجد الأقصى:]
درج المسلمون على تسمية المسجد القائم إلى الجنوب من مسجد قبة الصخرة المشرفة «المسجد الأقصى المبارك» ، والحقيقة أنّ المسجد الأقصى الذي ورد ذكره في القرآن الكريم يشمل الحرم القدسي الشريف بأجمعه، والذي هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ويشمل مسجد الصخرة، والمسجد الاخر، وكل ما في داخل السور، حيث يحاط الحرم بسور له عدة أبواب منها ما هو مفتوح، ومنها ما هو مغلق، فالمفتوحة باب الأسباط، وباب حطّة، وباب شرف الأنبياء، وباب الغوانمة، وباب الناظر، وباب الحديد، وباب القطّانين، وباب المتوضأ، وباب السلسلة،