للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويشرح صدور المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن القرآن يحسم الأمر حسما، لا يدع فيه مجالا للبس: يقول الله تعالى لرسوله الكريم: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام/ ١٦٢] هذه الآية الكريمة تحدد درجة الأخلاق القرآنية التي وصل إليها الرسول: إنها ذروتها وسنامها» «١» .

وفي القرآن الكريم آيات كثيرة في شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي ذكر خصائصه الطيبة وخلاله الحميدة ... فالنبي صلى الله عليه وسلم مبشر ونذير، وداع إلى الله بإذنه والسراج المنير وهو رحمة للعالمين، بالمؤمنين رؤوف رحيم ...

قال تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح/ ٤] وفيها يقول الإمام الشافعي «إن معنى قول الله تعالى ورفعنا لك ذكرك: لا أذكر إلا ذكرت معي» «٢» . ففي كل يوم مليارات الشفاه تتلفظ باسمه صلى الله عليه وسلم، وملايين القلوب تحن إليه، وملايين النفوس تطرب وتهتز لسماع اسمه.

وقد فرض الله سبحانه طاعته على العالم فرضا مطلقا لا شرط فيه ولا استثناء قال تعالى: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر/ ٧] » .

وقال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران/ ١٣٢] . وقال أيضا: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ [آل عمران/ ٣٢] .

قال القاضي عياض في شرح هذه الآيات: «فجعل (الله تعالى) طاعته طاعة رسوله، وقرن طاعته بطاعته، ووعد على ذلك بجزيل الثواب، وأوعد على مخالفته بسوء العقاب. وقال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ [النساء/ ٨٠] يعني من أطاع الرسول لكونه رسولا مبلغا إلى الخلق أحكام الله


(١) الحافظ الذهبي، السيرة النبوية، تحقيق القدسي (بيروت ١٩٨١) ص ٣١٩- ٣٢٠؛ را: محمد رضا، محمد رسول الله (بيروت ١٩٧٥) ص ٤٠٠.
(٢) يوسف النبهاني، الأحاديث الأربعين في فضائل سيد المرسلين (بيروت ١٣١٥ هـ) ص ٦.
(٣) را: الأصبهاني، دلائل النبوة، ص ٨.

<<  <   >  >>