للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحبسه، فقال فى الحبس أشعارا وبعث بها إليه، فمنها قوله:

ألا من مبلغ النّعمان عنّى ... علانية، وما يغنى السّرار

بأنّ المرء لم يخلق حديدا ... ولا هضبا توقّله الوبار [١]

ولكن كالشهاب سناه يخبو ... وحادى الموت عنه ما يحار

فهل من خالد إمّا هلكنا ... وهل بالموت، ياللنّاس! عار [٢]

ومنها قوله:

أبلغ النّعمان عنّى مألكا ... أننى قد طال حبسى وانتظارى [٣]

لو بغير الماء حلقى شرق ... كنت كالغصّان بالماء اعتصارى [٤]

فلم يزل فى حبسه حتّى مات، ويقال إنه قتله.

٣٧٦* وكان له ابن يقال له زيد بن عدىّ، فتوصّل إلى أبرواز حتّى حلّ محلّ أبيه، وذكر زيد لأبرواز نساء آل المنذر، ونعتهنّ له، بالجمال، فكتب أبرواز إلى النعمان يأمره أن يزوّجه أخته أو ابنته! فلمّا قرأ النعمان الكتاب قال للرسول:

فأين الملك عن مها السّواد؟ فرجع الرسول فأخبره بما قال، وحرّف زيد القول عنده، وقال: فأين هو عن بقر العراق [٥] ؟ فطلبه أبرواز، وهرب النعمان منه


[١] الوبار، بكسر الواو: جمع وبر، وهى دويبة، سبق وصفها ١٧٤ وقد ضبط الجمع هنا فى ل وفى شعراء الجاهلية ٤٥٦ بفتح الواو، وهو خطأ. والأبيات فى الأغانى أيضا.
[٢] المرزبانى ٢٥٠.
[٣] المألك، بضم اللام: الرسالة. وضبط فى ل بفتحها، ولا وجه له، والرواية بالضم لا غير والبيت فى اللسان ١٢: ٢٧٢ والخزانة ٣: ٥٩٧.
[٤] المرزبانى ٢٤٩. الاعتصار: أن يغص الإنسان بالطعام فيعتصر بالماء، وهو أن يشربه قليلا قليلا، وأصل الاعتصار: الالتجاء. والبيت فى اللسان ٦: ٢٥٦ و ٨: ٣٢٨ والخزانة مشروحا ٣: ٥٩٤- ٥٩٦. وهما من أبيات فى الأغانى والمعاهد وشعراء الجاهلية ٤٥٣- ٤٥٤.
[٥] المها: جمع مهاة، وهى بقرة الوحش، تشبه بها المرأة، فتطلق عليها مجازا. فنقل الواشى الكلام إلى الحقيقة اللفظية ليصل إلى ما يريد.

<<  <  ج: ص:  >  >>