للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحبسه، واجتمع عند الكلبى شرب فيهم شريح بن عمرو الكلبىّ [١] ، فعرف الأعشى، فقال (للكلبىّ) : من هذا؟ فقال: خشاش التقطته! قال: ما ترجو به ولا فداء له؟ خلّ عنه، فخلى عنه، فأطعمه شريح وسقاه، فلمّا أخذ منه الشراب سمعه يترنّم بهجاء الكبىّ، فأراد استرجاعه، فقال الأعشى [٢] :

شريح لا تتركنّى بعد ما علقت ... حبالك اليوم بعد القدّ أظفارى [٣]

كن كالسّموأل إذ طاف الهمام به ... فى جحفل كهزيع اللّيل جرّار

بالأبلق الفرد من تيماء منزله ... حصن حصين وجار غير غدّار

خيّره خطّتى خسف فقال له: ... اعرضهما هكذا أسمعهما حار [٤]

فقال: ثكل وغدر أنت بينهما ... فاختر. وما فيهما حظّ لمختار

فشكّ غير طويل ثم قال له: ... أقتل أسيرك إنى مانع جارى


[١] الذى فى الأغانى والبلدان أن الكلبى أسره ثم جاء ونزل بشريح بن السموأل بن عادياء الغسانى صاحب تيماء بحصنه الذى يقال له الأبلق.
[٢] من قصيدة مشهورة، تختلف روايتها بالزيادة والنقص والتقديم والتأخير، فى الأغانى ٨: ٧٩ ومجمع الأمثال ٢: ٢٧٦- ٢٧٧ والبلدان ١: ٨٦- ٨٩ وشعراء الجاهلية ٣٦١- ٣٦٢.
[٣] القد، بكسر القاف: سير يقد من جلد غير مدبوغ.
[٤] الخسف: الإذلال وتحميل الإنسان ما يكره. حار: ترخيم حارث. والبيت فى اللسان ١٠: ٤١٥. وبعد هذا البيت فى هـ الأبيات الآتية:
فقال معتذرا إذ قام يذبحه: ... أشرف سموأل فانظر فى الدّم الجارى
فشكّ أوداجه والصدر فى مضض ... عليه محتسبا كالكىّ بالنّار
واختار أدراعه. البيت.
والصبر منه على ما كان من خلق ... وزنده فى الوفاء الثاقب الوارى
إنّ له خلفا إن كنت قاتله ... وإن قتلت كريما غير غوّار
مالا كثيرا وعرضا غير دى حمس ... وإخوة مثله ليسوا بأشرار
جروا على أدب منّى بلا نزق ... ولا إذا شمّرت حرب بأغمار

<<  <  ج: ص:  >  >>