للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعثوا إليه فارسين على جوادين، فلما هايجاه خرج يمحص كأنّه ظبى [١] ، فطارداه سحابة يومهما، ثم قالا: إذا كان الليل أعيا ثم سقط أو قصّر عن العدو فنأخذه، فلمّا أصبحا وجدا أثره قد عثر بأصل شجرة وندرت قوسه [٢] فانحطمت، فوجدا قصدة منها قد ارتزّت بالأرض [٣] ، فقالا: ما له أخزاه الله! ما أشدّه! وهمّا بالرجوع، ثم قالا: لعلّ هذا كان من أوّل الليل ثم فتر، فتبعاه، فإذا أثره متفاجا [٤] قد بال فى الأرض وخدّ [٥] ، (فقالا: قاتله الله ما أشدّ متنه!) فانصرفا (عنه) ، وتمّ إلى قومه [٦] فأنذرهم، فكذّبوه لبعد الغاية، فقال:

يكذّبنى العمران عمرو بن جندب ... وعمرو بن سعد، والمكذّب أكذب [٧]

ثكلتكما إن لم أكن قد رأيتها ... كراديس يهديها إلى الحىّ كوكب

كراديس فيها الحوفزان وحوله ... فوارس همّام متى يدع يركبوا [٨]

وجاء الجيش فأغاروا (عليهم) [٩] .


[١] محص الظبى فى عدوه: أسرع وعدا عدوا شديدا.
[٢] ندرت: سقطت ووقعت.
[٣] القصدة، بكسر القاف: القطعة من الشىء إذا انكسر. ارتزت بالأرض: ثبتت.
[٤] متفاجا: متباعدا، يقال «فاج الرجل وتفاج» بالتشديد فيهما: إذا باعد إحدى رجليه من الأخرى ليبول.
[٥] خد فى الأرض: شقها وأثر فيها، ومنه الأخدود.
[٦] تم إلى قومه: أى: بلغهم. ورواية الكامل «أتم إلى قومه» فقال الأخفش: «يروى أتم بألف، وتم بغير ألف، ونم بالنون، ومعنى تم إلى قومه أى: نفذ» .
[٧] رواية الكامل «وعمرو بن كعب» .
[٨] الحوفزان: هو الحارث بن شريك بن عمرو، من بنى ذهل بن شيبان، لقب بذلك لأن قيس بن عاصم المنقرى حفزه بالرمح فى استه، فحفزه عن فرسه فنجا، وعرج من الحفزة. وانظر خبره فى المفضلية ١١٤: ٦ والنقائض ٤٧- ٥٩، ١٤٤- ١٤٨ والأنبارى ٧٤٠- ٧٤١ والأغانى ١٢: ١٤٦- ١٤٧.
[٩] القصة رواها أيضا المبرد فى الكامل عن أبى عبيدة ٥٥٤- ٥٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>