للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٩٦* وكان (من) أحسن الناس تشبيبا. حدثنى سهل (بن محمد) عن الأصمعىّ قال: سمعت الحىّ يتحدّثون أنّ جريرا قال: لولا ما شغلنى من هذه الكلاب لشبّبت تشبيبا تحنّ منه العجوز إلى شبابها كما تحنّ النّاب إلى سقبها.

٧٩٧* وكان من أشدّ الناس هجاء. وحدثنى عبد الرحمن الأصمعىّ قال:

أخبرنا شيخ من أهل البصرة قال: مرّ راعى بالإبل فى سفر فسمع إنسانا يتغنّى (على قعود له) بشعر جرير، وهو قوله:

وعاو عوى من غير شىء رميته ... بقافية أنفاذها تقطر الدّما

خروج بأفواه الرّواة كأنّها ... قرى هندوانّى هزّ صمّما

(فقال: لمن هذا؟ قيل: لجرير) ، فقال الراعى: لعنة الله على من يلومنى أن يغلبنى مثل هذا! ٧٩٨* وكان مع حسن تشبيبه عفيفا، وكان الفرزدق فاسقا، وكان يقول:

ما أحوجه مع عفّته إلى صلابة شعرى، وما أحوجنى إلى رقّة شعره، لما ترون.

٧٩٩* وأخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو عمرو بن العلاء قال: كنت قاعدا عند جرير وهو يملى:

ودّع أمامة حان منك رحيل ... إنّ الوداع لمن تحبّ قليل

فمرّت به جنازة، فترك الإنشاد وقال: شيّبتنى هذه الجنائز، قلت: فلأىّ شىء تشتم الناس؟ قال: يبدؤوننى ثم لا أعفو، (قال) : وكان يقول: أنا لا أبتدى ولكن أعتدى [١] .


[١] فى اللسان فى قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ
:
«سماه اعتداء لأنه مجازاة اعتداء، فسمى بمثل اسمه، لأن صورة الفعلين واحدة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>