للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأة من فهم وكان لها ابن من هذيل، وكان يدخل عليها رحلا «١» ، فلمّا قارب الغلام الحلم قال لها: من هذا الرجل الداخل عليك؟ قالت: صاحب كان لأبيك! قال: والله لئن رأيته عندك لأقتلنّك، فلمّا رجع إليها تأبط شرّا أخبرته الخبر، وقالت: إنّ هذا الغلام مفرّق بينى وبينك، فاقتله! قال: سأفعل ذلك، فمرّ به وهو يلعب مع الصبيان، فقال له: هلمّ أهب لك نبلا، فمضى معه، فتذمّم من قتله، ووهب له نبلا، فلمّا رجع تأبّط شرا أخبرها، فقالت: إنه (والله) شيطان (من الشياطين» ، والله ما رأيته قطّ مستثقلا نوما، ولا ممتلئا ضحكا، ولا همّ بشىء منذ كان صغيرا إلا فعله، ولقد حملته فما رأيت عليه دما حتّى وضعته، ولقد وقع علىّ أبوه وإنّى لمتوسّدة سرجا فى ليلة هرب، وإنّ نطاقى لمشدود، وإنّ على أبيه لدرعا؛ فاقتله، فأنت والله أحبّ إلّى منه، فقال لها: سأغزو به فأقتله، (فمرّ) ، فقال له: هل لك فى الغزو؟ قال: نعم، فخرج معه غازيا، فلم يجد له غرّة، حتّى مرّ فى بعض الليالى بنار لابنى قترة الفزاريّين، وكانا فى نجعة «٢» فلمّا رأى تأبّط النار عرف أهلها، فأكبّ على رجله وصاح: نهشت نهشت! النار! النار! فخرج الغلام يهوى نحو النار، فصادف عندها الرجلين، فواثباه، فقتلهما جميعا، ثم أخذ جذوة من النار، واطّرد إبل القوم وأقبل نحوه، فلمّا رأى (تأبّط) النار (تهوى نحوه) ظنّ أن الغلام قد قتل، وأنّ القوم اتّبعوا أثره، فمضى، يسعى، قال: فما نشبت أن أدركنى ومعه جذوة من النار، وهو يطّرد إبل القوم، فقال: ويلك! قد أتعبتنى منذ الليلة، ثم رمى بالرأسين! فقلت: ما هذا؟ قال: كلبان هارّانى على النار فقتلتهما «٣» !

<<  <  ج: ص:  >  >>